فقد ثبت أنّ التقوى لا تتمّ إلّا بوجود إمام معصوم ، وليس من فعلنا ؛ لأنّ العصمة غير معلومة لنا ، فهو من فعله تعالى بأن ينصّبه ويدلّ عليه ، فلو خلا زمان منه مع عموم الأمر بالتقوى [لجميع] (١) المكلّفين في جميع الأزمنة لزم نقض الغرض في وقت ما ، وهو من الحكيم ـ جلّ اسمه ـ محال.
السابع عشر : [التقوى أشرف] (٢) المقامات ؛ لوجهين :
الأوّل : أنّها اجتناب الصغائر والكبائر في جميع الأزمان والأحوال ، ولا يتمّ إلّا بذكر الله تعالى واستحضار أمره ونهيه ، والالتفات بكل سؤال [للحقّ] (٣) ، وهذا مقام شريف.
الثاني : أنّ القرآن الكريم مشحون [بالأمر] (٤) بالتقوى ومدح المتّقين (٥) ، وهو ظاهر.
وإذا كانت أشرف المقامات وأهمّ المهمّات ، فينبغي نصب من يتوقّف عليه ، وهو المعصوم في كلّ وقت ، فالإخلال به إهمال عظيم لأهمّ المهمّات ، وهو لا يليق بالحكيم.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : (بجميع) ، وما أثبتناه للسياق.
(٢) في «أ» : (شرف التقوي) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» و «ب» : (الحقّ) ، وما أثبتناه للسياق.
(٤) في «أ» : (الأمر) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) فمن الآيات التي تأمر بالتقوى قوله تعالى : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) (البقرة : ١٩٧). وقوله : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) (المائدة : ٢). وقوله : (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ) (المجادلة : ٩).
ومن الآيات التي تمدح المتّقين قوله تعالى : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (آل عمران : ٧٦). وقوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (الحجر : ٤٥ ، الذاريات : ١٥). وقوله : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً* حَدائِقَ وَأَعْناباً) (النبأ : ٣١ ـ ٣٢).