القدرة على التحكم بعواطفه ... كان أهلا لأن يخوض الحديث» (١).
ثانيا : دراسة أسباب الخلاف. وهي الأصل الثاني من أصول المقارنة.
فبعد أن أرجع ابن رشد في مقدمة كتابه «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (٢) إلى الصغريات ، أي إلى الاختلاف في تنقيح الصغريات لحجية الظهور (أعني ظهور الكتاب والسنة) أو لحجية القياس ، يؤكد السيد الحكيم أن الخلاف في الكبريات أكبر أثرا من الخلاف في الصغريات ، ويقصد به الخلاف في أصول الفقه ليكشف عن هدفه العام في الكتاب ، وهو تضييق شقة هذا الخلاف ، تحقيقا لما ذكره من قبل في التقريب بين المذاهب الفقهية.
وإذا كان لنا أن نضيف شيئا هنا قلنا إن هناك منشأ آخر لاختلاف نتائج البحوث الفقهية وهو الاختلاف في ترتيب الأدلة وكيفية الرجوع إليها ، إذ يجد الباحث في بطون الكتب الفقهية الاختلاف الكثير بين الفقهاء مع أن الواقع يقتضي الترتيب بينها ، وهذه النقطة بالضبط درسها السيد الحكيم في موضع آخر بعد الحديث عن مصطلحي «الورود والحكومة» وهما مصطلحان يختص بهما الفقه الإمامي دون غيره وعلى ضوئهما يتم ترتيب الأدلة على النحو التالي :
أ ـ أدلة الطرق والأمارات (أدلة الواقع).
ب ـ أدلة الواقع التنزيلي كالاستصحاب.
ج ـ أدلة الوظيفة الشرعية.
د ـ أدلة الوظيفة العقلية (٣).
ومتى ضمنّا وحدة الترتيب في الرجوع إلى الأدلة ضمنّا التقارب الكبير في
__________________
(١) ن ، م : ١٦.
(٢) بداية المجتهد : ١ ٥ ٦.
(٣) أصول الفقه المقارن : ٨٥ ٨٦.