(قُلْ لِمَنْ). سؤال تبكيت. و (قُلْ لِلَّهِ) تقرير لهم. أي : هو لله لا خلاف بيني وبينكم ولا تقدروا أن تضيفوا شيئا منه إلى غيره. (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ؛ أي : أوجبها على ذاته في هدايتكم إلى معرفته ونصب الأدلّة لكم على توحيده بما أنتم مقرّون به من خلق السموات والأرض. (١)
(كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ) ؛ أي : التزمها على نفسه تفضّلا وإحسانا. والمراد بالرحمة ما يعمّ الدارين. (٢)
(لَيَجْمَعَنَّكُمْ). قيل : إنّه احتجاج على من أنكر البعث والنشور. يقول : ليجمعنّكم إلى يوم القيامة الذي كرهتموه ؛ أي : يجمع آخركم إلى أوّلكم قرنا بعد قرن إلى يوم القيامة وهو الذي لا ريب فيه. وقيل : معناه : ليجمعنّ هؤلاء المشركين إلى هذا اليوم الذي يكفرون به. وأمّا السؤال بأنّه كيف يحذّر المشركين بالبعث وهم لا يصدّقون به ، فالجواب : انّه جار مجرى الإلزام. وأيضا فإنّه تعالى إنّما ذكر ذلك عقيب الدليل. وأمّا نفي الريب عنه مع أنّ الكافرين مرتابون فيه ، فجوابه : انّ الحقّ حقّ وإن ارتاب فيه المبطل. وأيضا فإنّ الدلائل تزيل الشكّ والريب. (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) ؛ أي : أهلكوها بارتكاب الكفر. (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ؛ أي : لا يصدّقون بالحقّ. (٣)
(لَيَجْمَعَنَّكُمْ). استئناف وقسم للوعيد على إشراكهم وإغفالهم النظر. أو : ليجمعنّكم في القبور مبعوثين إلى يوم القيامة فيجازيكم على شرككم. أو : في يوم القيامة ، وإلى بمعنى في. وقيل : بدل من الرحمة بدل البعض. فإنّ من رحمته بعثه إيّاكم وإنعامه عليكم. (لا رَيْبَ فِيهِ) : في اليوم أو الجمع. (الَّذِينَ خَسِرُوا). أي بتضييع رأس مالهم وهو الفطرة الأصليّة والعقل السليم. وموضع الذين نصب على الذمّ ، أو رفع على الخبر ـ أي : وأنتم الذين أو على الابتداء والخبر (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) والفاء للدلالة على أنّ عدم إيمانهم مسبّب عن خسرانهم.
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٨ ـ ٩.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٣١.