فإنّ إبطال العقل باتّباع الحواسّ والوهم والانهماك في التقليد وإغفال النظر ، أدّى بهم إلى الإصرار على الكفر والامتناع عن الإيمان. (١)
(الَّذِينَ خَسِرُوا). فإن قلت : كيف جعل عدم إيمانهم مسبّبا عن خسرانهم والأمر على العكس؟ قلت : معناه : الذين خسروا أنفسهم في علم الله لاختيارهم الكفر ، فهم لا يؤمنون. (٢)
[١٣] (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
(وَلَهُ ما سَكَنَ) ؛ أي : ما [سكن و] تحرّك. فاكتفى عنه بضدّه. وأمّا وجه ذكر الحركة والسكون من المخلوقات ، فلما فيهما من التنبيه على حدوث العالم وإثبات الصانع. لأنّ الحركة تحتاج إلى محرّك. (٣)
(ما سَكَنَ) ؛ أي : ما حلّ. من الحلول والسكون. أي خلقا وملكا. وذكر اللّيل والنهار والسموات والأرض فيما قبل ، لأنّ الأوّل يجمع المكان والثاني يجمع الزمان وهما ظرفان لكلّ موجود. (٤)
(ما سَكَنَ). من السكنى ، وتعديته [بفي] كما في قوله : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا). (٥) والمعنى ما اشتملا عليه. أو من السكون. أي : ما سكن فيهما أو تحرّك. فاكتفى بأحد الضدّين عن الآخر. (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). يجوز أن يكون وعيدا للمشركين على أقوالهم وأفعالهم. (٦)
[١٤] (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥.
(٢) الكشّاف ٢ / ٩.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٣١ ـ ٤٣٢.
(٤) مجمع البيان ٤ / ٤٣١.
(٥) إبراهيم (١٤) / ٤٥.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٥.