والنصب. (فِتْنَتُهُمْ) ؛ أي : معذرتهم التي يتوهّمون أن يتخلّصوا بها. من فتنت الذهب ، إذا خلّصته. (١)
والمعنى : لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم وقاتلوا عليه وافتخروا به وقالوا دين آبائنا إلّا جحوده والتبرّؤ منه والحلف على الانتفاء من التديّن به. ويجوز أن يراد : لم يكن جوابهم إلّا أن قالوا. فسمّي فتنة لأنّه كذب. (٢)
(وَاللهِ رَبِّنا). بالنصب على النداء أو المدح. (٣)
(رَبِّنا). وعنه عليهالسلام : ما كنّا مشركين بولاية عليّ عليهالسلام. (٤)
عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث طويل يذكر فيه أحوال يوم القيامة وأهل المحشر قال : ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). فيختم الله على أفواههم فيستنطق الأيدي والأرجل والجلود فتشهد بكلّ معصية كانت منهم. ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ)(٥). (٦)
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال أحد ؛ حتّى يقول أهل الشرك : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). (٧)
(ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). وأمّا قول من يقول : معناه : ما كنّا مشركين عند أنفسنا وما علمنا أنّا على خطأ في معتقدنا وحمل قوله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) يعني في الدنيا ، فتمحّل وتعسّف. وما أدري ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله : (يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ)(٨) بعد قوله : (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(٩) ، فشبّه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا. (١٠)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٦.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٢.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٧.
(٤) تفسير القمّيّ ١ / ١٩٩.
(٥) فصّلت (٤١) / ٢١.
(٦) التوحيد / ٢٦١ ، ح ٥.
(٧) تفسير العيّاشيّ ١ / ٣٥٧ ، ح ١٥.
(٨) المجادلة (٥٨) / ١٨.
(٩) المجادلة (٥٨) / ١٤.
(١٠) الكشّاف ٢ / ١٣.