لا يقدر على شيء منه. وثمّ لاستبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته. وكذلك (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنّه محييهم ومميتهم وباعثهم. (١)
(جَعَلَ الظُّلُماتِ). عن الصادق عليهالسلام : (الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ردّ على الثنويّة الذين قالوا : النور والظلمة هما المدبّران. (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ردّ على مشركي العرب الذين قالوا : إنّ أوثاننا آلهة. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : إذا قرأت : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أن تقول : كذب العادلون بالله. (٣)
[٢] (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) ؛ أي : ابتدأ خلقكم. فإنّه المادّة الأولى وإنّ آدم الذي هو أصل البشر خلق منه. أو : خلق أباكم من طين. فحذف المضاف. (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) ؛ أي : مثبت معيّن لا يقبل التغيير ولا مدخل لغيره فيه. (تَمْتَرُونَ). الامتراء : الشكّ. فالآية الأولى دليل التوحيد. فإنّ من قدر على خلق الموادّ وجمعها وإبداع الحياة فيها وإبقائها ما يشاء ، كان أقدر على جمع تلك الموادّ وإحيائها ثانيا. (٤)
(ثُمَّ قَضى أَجَلاً) : أجل الموت. (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) : أجل القيامة. وقيل : الأجل الأوّل ما بين أن يخلق إلى أن يموت. والثاني ما بين الموت والبعث وهو البرزخ. وقيل : الأوّل النوم. والثاني الموت. (٥)
عن السجّاد عليهالسلام : خلق الله النبيّين من طينة علّيّين ، قلوبهم وأبدانهم. وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة. وخلق أبدان المؤمنين من دون ذلك. وخلق الكفّار من طينة سجّين. فمزج بين تلك الطينتين. فمن هذا يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن. ومن هنا يصيب
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٣ ـ ٤.
(٢) الاحتجاج ١ / ١٤ ـ ٢٥.
(٣) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٩٧ ، ح ٥١.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣.
(٥) الكشّاف ٢ / ٤.