قيل : المراد أن يهب الرجل للرجل أو يهدي له ليعوضه أكثر ممّا وهب أو أهدى. فليست تلك الزيادة بحرام ، ولكن لا ثواب عليها. وقالوا : الربا ربوان ؛ حلال وحرام. وهذا من الحلال. (الْمُضْعِفُونَ). التفات حسن. كأنّه قال لملائكته وخواصّ خلقه : فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم ، هم مضعفون. فهو أمدح لهم من أن يقول : فأنتم المضعفون. (١)
[٤٠] (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠))
(اللهُ) مبتدأ وخبره (الَّذِي خَلَقَكُمْ). أي : الله هو فاعل هذه الأفعال الخاصّة التي لا يقدر على شيء منها أحد غيره. ثمّ قال : هل من شركائكم الذين اتّخذتموهم أندادا له من الأصنام وغيرها من يفعل شيئا من تلك الأفعال حتّى يصحّ ما ذهبتم إليه؟ (٢)
[٤١] (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١))
(فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ). نحو الجدب والقحط وقلّة الريع في الزراعات والربح في التجارات ووقوع الموتان في الناس وكثرة الحرق والغرق وإخفاق الصيّادين والغاصّة ومحق البركات من كلّ شيء وقلّة المنافع وكثرة المضارّ. وعن ابن عبّاس : أجدبت الأرض وانقطعت مادّة البحر. وقالوا : إذا انقطع المطر عميت دوابّ البحر. وقيل : المراد بالبحر مدن البحر وقراه التي على شاطئه. وعن عكرمة : العرب تسمّي الأمصار البحار. (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) : بسبب معاصيهم وذنوبهم. كقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ). (٣) وعن ابن عبّاس : الفساد في البرّ بقتل ابن آدم أخاه ، وفي البحر بأنّ جلندى ملك عمان كان يأخذ كلّ سفينة غصبا. وقيل : كان ذلك قبل البعث. فلمّا بعث رسول الله ، رجع راجعون عن
__________________
(١) الكشّاف ٣ / ٤٨٠.
(٢) الكشّاف ٣ / ٤٨٢.
(٣) الشورى (٤٢) / ٣٠.