الضلال والظلم. ويجوز أن يريد ظهور الشرّ والمعاصي بكسب الناس ذلك. فإن قلت : ما معنى قوله : (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي)؟ قلت : أمّا على التفسير الأوّل فظاهر ؛ وهو أنّ الله قد أفسد دنياهم ومحقها ليذيقهم [وبال] بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة ، لعلّهم يرجعون عمّا هم عليه. وأمّا على الثاني ، فاللّام مجاز على معنى أنّ ظهور الشرور بسببهم ممّا استوجبوا به أن يذيقهم الله وبال أعمالهم إرادة الرجوع وكأنّهم أفسدوا وتسبّبوا لفشوّ المعاصي في الأرض لأجل ذلك. (١)
(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ). ذكر سبحانه ما أصاب الخلق بسبب ترك التوحيد. ومعناه : ظهر القحط وقلّة المطر (فِي الْبَرِّ) حيث لا يجري نهر وهو البوادي (وَالْبَحْرِ) وهو كلّ قرية على شاطىء نهر عظيم. (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ). يعني كفّار مكّة. وليس المراد بالبرّ والبحر في الآية كلّ برّ وبحر في الدنيا. وإنّما المراد به حيث ظهر القحط بدعاء النبيّ صلىاللهعليهوآله. فيكون تقديره : ظهر عقوبة الفساد. وقيل : الفساد ولاة السوء في البرّ والبحر. (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) في المستقبل. أو : ليرجع من يأتي بعدهم عن المعاصي. (٢)
(ظَهَرَ الْفَسادُ). عن ميسرة (٣) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)؟ قال : ذاك ـ والله ـ يوم قالت الأنصار : منّا رجل ومنكم رجل. (٤)
[٤٢] (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢))
(قُلْ) يا محمّد (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ). مبالغة في العظة. وعن ابن عبّاس أنّه قال : من قرأ القرآن وعمله ، سار في الأرض. لأنّ فيه أخبار الأمم. (٥)
__________________
(١) الكشّاف ٣ / ٤٨٢.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٨٠ ـ ٤٨١.
(٣) المصدر : ميسر.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ١٦٠.
(٥) مجمع البيان ٨ / ٤٨١.