فقد تبيّن بطلان إنكاركم. (١)
[٥٧] (فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧))
قرأ الكوفيّون : (لا يَنْفَعُ) بالياء ، لأنّ المعذرة بمعنى العذر ، أو لأنّ تأنيثها غير حقيقيّ وقد فصل بينهما. (٢)
(يُسْتَعْتَبُونَ). من قولك : استعتبني فلان فأعتبته ؛ أي : استرضاني فأرضيته. وذلك إذا كنت جانيا عليه. وحقيقة أعتبته : أزلت عتبه. والمعنى : لا يقال : أرضوا ربّكم بتوبة وطاعة. (٣)
[٥٨] (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨))
(لِلنَّاسِ) ؛ أي : قد وصفنا لهم كلّ صفة كأنّها مثل في غرابتها وقصصنا عليهم كلّ قصّة عجيبة الشأن كصفة المبعوثين يوم القيامة وقصصهم وما يقولون وما يقال لهم وما لا ينفع من استعذارهم ولا يسمع من استعتابهم. (وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ) ؛ أي : لكنّهم لقسوة قلوبهم ومجّ أسماعهم حديث الآخرة إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا : جئتنا بزور وباطل. (٤)
[٥٩] (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩))
(كَذلِكَ) ؛ أي : مثل ذلك الطبع يطبع الله على قلوب الجهلة. ومعنى طبع الله منع الألطاف التي تنشرح لها الصدور حتّى يقبل الحقّ. وإنّما يمنعها من علم أنّها لا تجدي عليه ولا تغني عنه. كما يمنع الواعظ الموعظة من يظهر له أنّ الموعظة تلغو ولا تنجع فيه. فوقع ذلك كناية عن قسوة قلوبهم وركوب الرين والصدأ إيّاها. فكأنّه قال : كذلك تقسو وتصدأ قلوب
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٢٤.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.
(٣) الكشّاف ٣ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨.
(٤) الكشّاف ٣ / ٤٨٨.