فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم ويحدّث بها قريشا ويقول لهم : إنّ محمّدا يحدّثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدّثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن ـ وإمّا بمعنى الاستبدال ، وإمّا بمعنى الاستحباب والمحبّة ، يعني أحبّوا الباطل من اللهو على الحقّ.
(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ؛ أي : يضلّ غيره. ومن أضلّ فقد ضلّ. ومن قرأ بفتح الياء ـ كابن كثير ـ فالمعنى : ليصير أمره إلى الضلال ، وهو إن لم يكن يشتري للضلال فإنّه يصير أمره إلى ذلك. و (سَبِيلِ اللهِ) قراءة القرآن. (بِغَيْرِ عِلْمٍ) ؛ أي : [إنّه] جاهل فيما يفعله. أهل الكوفة : (وَيَتَّخِذَها) بالنصب ، والباقون بالرفع للعطف على الفعل الأوّل. أي : من يشتري ويتّخذ. ومن نصب عطف على ليضلّ. (وَيَتَّخِذَها هُزُواً). أي : يتّخذ آيات القرآن يستهزئ بها. (مُهِينٌ) ؛ أي : مذلّ. (١)
قرئ (لِيُضِلَّ) بضمّ الياء وفتحها. فإن قلت : القراءة بالضمّ بيّنة. لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو أن يصدّ عن الدخول في الإسلام. فما معنى القراءة بالفتح؟ قلت : فيه معنيان. أحدهما : ليثبت على ضلاله الذي كان عليه ولا يرجع عنه ويزيد فيه ويمدّه. فإنّ المخذول كان شديد العداوة للدين. والثاني أن يوضع موضع ليضلّ من قبل أنّ من أضلّ كان ضالّا ، فدلّ بالرديف على المردوف. وقوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) [أي : بغير علم] بالتجارة وبغير بصيرة بها حيث يستبدل الباطل بالحقّ. ونحوه : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ). (٢) [أي : ما كانوا مهتدين] للتجارة بصراء بها. (يَتَّخِذَها) ؛ أي : السبيل ، لأنّها مؤنث. (٣)
[٧] (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧))
(وَلَّى مُسْتَكْبِراً) لا يعبأ بها [ولا يرفع بها] رأسا. (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٤٩١ و ٤٨٩.
(٢) البقرة (٢) / ١٦.
(٣) الكشّاف ٣ / ٤٩١.
(٤) الكشّاف ٣ / ٤٩٢.