والمسافة قصيرة ، مغن عن ذكرها ثانية ونائب عنه. ويجوز أن يقال : إنّ هذه اللّام مفيدة معنى التوكيد لا محالة فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب للدلالة على أنّ أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب وأنّ الوعيد بفقده أشدّ وأصعب من قبل أنّ المشروب إنّما يحتاج إليه تبعا للمطعوم. ألا ترى أنّك تسقى ضيفك بعد أن تطعمه؟ ولهذا آية المطعوم مقدّم على آية المشروب. (١)
[٧١ ـ ٧٢] (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢))
(تُورُونَ) : تقدحونها وتستخرجونها من الزناد. والعرب تقدح بعودين تحكّ أحدهما على الآخر ويسمّون الأعلى الزند والأسفل الزندة. شبّهوهما بالفحل والطروقة. (شَجَرَتَها) التي منها الزناد. (٢)
[٧٣] (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣))
(تَذْكِرَةً) : تذكيرا لنار جهنّم ، حيث علّقنا به أسباب المعاش لتكون حاضرة للناس ينظرون إليها ويذكرون ما أوعدوا به. أو : جعلناها تذكرة وأنموذجا من جهنّم. (مَتاعاً) ؛ أي : منفعة. (لِلْمُقْوِينَ) : الذين ينزلون القواء ؛ أي : القفر. أو : للّذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام. (٣)
(لِلْمُقْوِينَ) ؛ أي : للمستمتعين بها في الظلمة وفي الطبخ والخبز. فيكون المقوي بها [الذي] صار ذا قوّة من المال والسعة (٤). والمقوي أيضا : الذاهب ماله النازل بالقواء من الأرض. فهي متاع لانتفاع الأغنياء والفقراء. (٥)
[٧٤] (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤))
__________________
(١) الكشّاف ٤ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧.
(٢) الكشّاف ٤ / ٤٦٧.
(٣) الكشّاف ٤ / ٤٦٧.
(٤) المصدر : النعمة.
(٥) مجمع البيان ٩ / ٣٣٨.