(سَبَّحَ لِلَّهِ). ذكره هنا وفي الحشر والصفّ بلفظ الماضي ، وفي الجمعة والتغابن بلفظ المضارع ، إشعارا بأنّ من شأن ما أسند إليه أن يسبّحه في جميع أوقاته ، لأنّه دلالة جبلّيّة لا تختلف باختلاف الحالات. ومجيء المصدر مطلقا في بني إسرائيل أبلغ من حيث إنّه يشعر بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كلّ شيء وفي كلّ حال. وإنّما عدّي باللّام وهو متعدّ بنفسه وهو مثل نصحت له في نصحته ، إشعارا بأنّ إيقاع الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه. (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). حال يشعر بما هو المبدأ للتسبيح. (١)
[٢] (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢))
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). فإنّه الموجد لهما والمتصرّف فيهما ، (يُحْيِي وَيُمِيتُ). استئناف. أو خبر لمبتدأ محذوف. أو حال من المجرور في له. (٢)
[٣] (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣))
(هُوَ الْأَوَّلُ) : السابق على سائر الموجودات من حيث إنّه موجدها ومحدثها. (وَالْآخِرُ) : الباقي بعد فنائها ، ولو بالنظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها. أو : هو الأوّل الذي يبتدئ الأسباب ، والآخر الذي ينتهي إليه المسبّبات. أو : الأوّل خارجا ، والآخر ذهنا. (وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) : الظاهر وجوده لكثرة دلائله ، والباطن حقيقة ذاته فلا يكتنهها العقول. أو : الغالب على كلّ شيء ، العالم بباطنه. (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) يستوي عنده الظاهر والخفيّ. (٣)
أقول : الوجهان المذكوران في معنى الظاهر مرويّان عن الرضا عليهالسلام. (٤)
(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ). قال البلخيّ : هو كقول القائل : فلان أوّل هذا الأمر وآخره و
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٦.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٦ ، والكشّاف ٤ / ٤٧٢.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٦.
(٤) لم نجده فيما حضرنا من المصادر.