فأمّا الوجه لتكرار (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فإنّما هو التقرير بالنعم المعهودة والتأكيد في التذكير بها. فكلّما ذكر سبحانه نعمة قرّر عليها ووبّخ على التكذيب بها. كما يقول الرجل لغيره : أما أحسنت إليك حين أطلقت لك مالا؟ أما أحسنت إليك حين ملّكتك عقارا؟ أما أحسنت إليك حين بنيت لك دارا؟ فيحسن فيه التكرير. (١)
[١٤] (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤))
(صَلْصالٍ) : هو الطين اليابس له صلصلة. و «الفخّار» : الطين المطبوخ بالنار ، وهو الخزف. وقد خلقه من تراب جعله طينا ثمّ حمأ مسنونا ثمّ صلصالا. (٢)
[١٥ ـ ١٦] (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦))
(وَخَلَقَ الْجَانَّ) : أبا الجنّ. قيل : هو إبليس. والمارج : اللهب الصافي لا دخان فيه. وقيل : المختلط بسواد النار. وقوله : (مِنْ نارٍ) بيان لمارج. كأنّه قيل : من صاف من نار أو مختلط من نار. أو أراد نارا مخصوصة. (٣)
عن أمير المؤمنين عليهالسلام وقد سئل عن اسم أبي الجنّ فقال : شومان. وهو الذي خلق من مارج من نار. (٤)
[١٧] (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧))
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ). أراد مشرقي الصيف والشتاء ومغربهما. (٥)
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ). إنّما كان نعمة لما في ذلك من الفوائد التي لا تحصى كاعتدال الهواء واختلاف الفصول وحدوث ما يناسب كلّ فصل فيه إلى غير ذلك. (٦)
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (الْمَشْرِقَيْنِ) رسول الله وأمير المؤمنين عليهماالسلام. و (الْمَغْرِبَيْنِ)
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ٣٠١.
(٢) الكشّاف ٤ / ٤٤٥.
(٣) الكشّاف ٤ / ٤٤٥.
(٤) عيون الأحبار الرضا ١ / ١٨٩ ، ح ١.
(٥) الكشّاف ٤ / ٤٤٥.
(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٥٢.