قوله تعالى : (بِحَبْلِ اللهِ) أي تمسّكوا بدين الله ، وقيل : بالجماعة (١). وقال مجاهد وعطاء : (بعهد الله) (٢). وقال قتادة والسديّ والضحّاك : (معناه : واعتصموا بالقرآن) (٣). وقال عليّ رضي الله عنه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [كتاب الله هو الحبل المتين ؛ والذّكر الحكيم ؛ وهو الصّراط المستقيم]. وقال ابن مسعود رضي الله عنه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنّ هذا القرآن هو حبل الله المتين ؛ وهو النّور المبين ؛ والشّفاء النّافع ؛ وعصمة من تمسّك به ؛ ونجاة من تبعه](٤). وقال مقاتل : (معنى الآية : واعتصموا بأمر الله وطاعته). وقال أبو العالية : (بإخلاص التّوحيد لله) (٥). وقال ابن زيد : (بالإسلام) (٦).
قوله تعالى : (وَلا تَفَرَّقُوا) أي تناصروا في دين الله ولا تتفرّقوا فيه كما تفرّقت اليهود والنصارى. قال صلىاللهعليهوسلم : [إنّ بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة ، فإنّ أمّتي ستتفرّق على اثنين وسبعين فرقة ، كلّها في النّار إلّا فرقة واحدة] فقيل : يا رسول الله ؛ وما هذه الفرقة الواحدة؟ فقبض يده وقال : [الجماعة] ثمّ قرأ : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(٧). وقال صلىاللهعليهوسلم : [إنّ الله تعالى رضي لكم ثلاثا وكره لكم ثلاثا : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا ؛ واسمعوا وأطيعوا لمن ولّاه الله أمركم. وكره لكم قيل وقال ؛ وإضاعة المال ؛ وكثرة السّؤال](٨).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٧٣) عن ابن مسعود رضي الله عنه وعن الشعبي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٧٨) عن مجاهد ، والنص (٥٩٧٩) عن عطاء.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٧٤) عن قتادة.
(٤) أخرج شطرا منه الطبري في جامع البيان : الحديث (٥٩٧٦).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٨٣).
(٦) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٨٤).
(٧) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٨٧) عن أنس. وابن ماجة في السنن : كتاب الفتن : باب افتراق الأمم : الحديث (٣٩٩٣). وفي مجمع الزوائد ؛ قال : إسناده صحيح ورجاله ثقات.
(٨) أخرجه مسلم في الصحيح : كتاب الأقضية : باب النهي عن كثرة السؤال : الحديث (١٠ / ١٧١٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه. والبيهقي في السنن الكبرى : كتاب قتال أهل البغي : باب النصيحة لله ولكتابه : الحديث (١٧١٢٣). ويبدو أن في طبعة دار القلم تحقيق الشيخ خليل