قوله تعالى : (وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) ؛ أي يبادرون إلى الطاعات والأعمال الصالحة ، (وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤)) ؛ أي من المؤمنين المخلصين وهم أبو بكر وعمر وسائر الصحابة.
قوله عزوجل : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) ؛ أي فلن تجحدوه ، يعني تجزون به وتثابون عليه. قرأ الأعمش ويحيى وحمزة والكسائيّ وحفص وخلف : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) بالياء فيهما إخبارا عن الأمّة القائمة. وقيل : راجع إلى قوله (الصَّالِحِينَ). وقرأ الباقون بالتّاء فيهما على الخطاب كقوله (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ). قوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)) ؛ أي عالم بأعمالهم وثواب أعمالهم.
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) ؛ معناه : إنّ الذين جحدوا بمحمّد والقرآن لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا ، (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦)) ؛ أي مقيمون دائمون.
قوله عزوجل : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ) ؛ معناه : مثل ما ينفق اليهود في اليهوديّة على رؤسائهم وعلمائهم ، وما ينفق أهل الأوثان على أصنامهم في تظاهرهم على النبيّ صلىاللهعليهوسلم وإهلاكهم مال أنفسهم (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها) برد شديد. ويقال : الصّرّ : صوت لهب النّار الّتي تحرق الزّرع ، وقيل : الصّرّ : ريح فيها صوت ونار (١).
قوله تعالى : (أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ) أي زرع قوم (ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالكفر والمعصية ، ومنع حقّ الله عليهم (فَأَهْلَكَتْهُ) أي أحرقته الريح فلم ينتفعوا منه بشيء في الدّنيا ، كذلك من ينفق في غير طاعة الله لا ينتفع بنفقته في الآخرة ، كما لا ينتفع صاحب هذا الزّرع من زرعه في الدّنيا. قوله تعالى : (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) ؛ بإهلاك زرعهم ؛ (وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧)) ؛ بمنع حقّ الله فيه وكفرهم ومعصيتهم.
__________________
(١) الصّرّة ، بالفتح : الصّيحة. والصّرّ ، بالكسر : برد يضرب النبات والحرث. مختار الصحاح : (صرر)