للغازي في سبيله ما لا يغار للمقيم ، فقام على باب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال له : يا رسول الله ؛ الذنب الذنب ، فقال له مثل ما قال الصّحابة ، فخرج يسيح في الجبال ؛ لا يمرّ على حجر ولا مدر ولا سهلة حارّة إلّا تجرّد وتمرّغ فيها ، حتّى كان ذات يوم عند العصر نزل جبريل بتوبته بهذه الآية) (١).
ومعناها : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا) كبيرة (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بفعل الصّغيرة مثل النّظرة واللّمس والغمز والتقبيل ، ذكروا مقامهم بين يديّ الله وعقابه. وقيل : معناه : ذكروا اسم الله ، فقالوا ربّنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا. وقال السّدّيّ : (قوله : (فَعَلُوا فاحِشَةً) يعني الزّنا) وقوله (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) قال الكلبيّ : (يعني لما دون الزّنا مثل القبلة واللّمس والنّظرة فيما لا يحلّ). وقيل : (فَعَلُوا فاحِشَةً) أي فعلوا الكبائر ؛ وقوله (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) يعني الصّغار. وقيل : (فَعَلُوا فاحِشَةً) فعلا (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) قولا.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) ؛ أي ليس أحد يقدر على غفران الذنب إلّا الله. قوله عزوجل : (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)) ؛ معناه : ولم يقيموا على ما فعلوا من المعصية ، فإنّ الاستغفار باللسان بغير ندامة القلب توبة الكذابين. قوله تعالى : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي يعلمون أنّها معصية ، فإنّهم اذا لم يعلموا أنّها خطيئة كان إثما موضوعا عنهم ؛ مثل أن يتزوّج أمّه من الرّضاعة أو أخته من الرّضاعة وهو لا يعلم ، أو يشتري جارية فيطأها ، ثم تستحقّ الجارية كان إثم ذلك موضوعا عنه. وقيل : معناه : وهم يعلمون أنّ لهم ربّا يغفر الذنوب.
قال قتادة : (إيّاكم والإصرار ، فإنّما هلك المصرّون الماضون قدما لا ينهاهم مخافة الله عن حرام حرّمه الله ؛ ولا يتوبون من ذنب أصابوه حتّى أتاهم الموت وهم على ذلك) (٢). وقال السّدّيّ : (الإصرار السّكوت وترك الاستغفار) (٣). قال صلىاللهعليهوسلم : [لا
__________________
(١) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ٤ ص ٢١٠. وابن عادل الحنبلي في اللباب : ج ٥ ص ٥٤٣ من رواية مقاتل والكلبي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٢٣٢).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٢٣٦).