كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار](١) وأصل الإصرار الثبات على الشّيء. وقال صلىاللهعليهوسلم : [من أذنب ذنبا وعلم أنّ له ربّا يغفر الذّنوب ؛ غفر له الله وإن لم يستغفر](٢). وقال صلىاللهعليهوسلم : [ما أصرّ من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرّة ، يقول الله تعالى : من علم أنّي ذو قدرة على المغفرة غفرت له ولا أبالي](٣).
قوله عزوجل : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (١٣٦)) ؛ أي أهل هذه الصّفة ثوابهم ستر من ربهم لذنوبهم ؛ وحطّ العقاب عنهم ، وبساتين تجري من تحت شجرها وغرفها الأنهار مقيمين دائمين فيها ، ونعم أجر التّائبين في التوبة ، فوضع عنهم ما كان مكتوبا على بني إسرائيل ؛ فإنّه كان إذا أذنب أحدهم يرى توبته مكتوبة على بابه : إجذع أنفك ؛ إجذع أذنك ، فوضع ذلك عن هذه الأمّة واكتفى منهم بالنّدم والاستغفار.
قوله تعالى : (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) أي ثواب المطيعين. قيل : أوحى الله تعالى إلى موسى عليهالسلام : (يا موسى ؛ ما أقلّ حياء من يطمع في جنّتي بغير عمل ، يا موسى ؛ كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي). وقال شهر بن حوشب : (طلب الجنّة بلا عمل ذنب من الذّنوب).
__________________
(١) أخرجه البيهقي في الشعب : باب في معالجة كل ذنب : الحديث (٧٢٦٨) عن ابن عباس ، ولفظه : [لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار]. وفي كشف الخفا : الحديث (٣٠٧٠) ؛ قال العجلوني : «وأخرجه الطبراني عن أبي هريرة ، وزاد فيه : [فطوبى لمن وجد في كتابه استغفارا كثيرا] ولكن في إسناده بشر بن عبيد الفارسي وهو متروك».
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٤٤٦٩). في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين : ج ١ ص ٧٧٤ : الحديث (٩٨٦) ؛ قال العراقي : «رواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن مسعود بسند ضعيف». وفي الدر المنثور : ج ٢ ص ٣٢٩ ؛ قال السيوطي : «أخرجه عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي بكر الصديق».
(٣) أخرجه الطبري مختصرا في جامع البيان : النص (٦٢٣٧). والبيهقي في شعب الإيمان : الحديث (٧٠٩٩) عن أبي بكر رضي الله عنه.