قوله عزوجل : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧)) ؛ معناه : (قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) وهي الطرائق في الخير والشرّ. وقيل : معناه : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) بإهلاك المكذّبين لرسلنا ، فسافروا في الأرض ، فانظروا كيف صار آخر المكذّبين بالرّسل والكتب ؛ أي اتّعظوا بالآثار التي بقيت منهم في الأرض مثل ديار قوم لوط وعاد وغيرهم.
قوله عزوجل : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨)) ؛ أي هذا القرآن بيان للناس من الضّلالة وهدى من العمى ونهي للمتقين من الفواحش. والبيان : كلّ ما يظهر به المعنى ، والهدى : بيان طريق الرّشد دون طريق الغيّ ، والموعظة : ما يدعو إلى فعل الحسنة من ترغيب أو ترهيب.
قوله عزوجل : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) ؛ هذا عائد إلى ما تقدّم ذكره من حديث حرب أحد ، معناه : لا تضعفوا ولا تجبنوا يا أصحاب محمّد عن قتال عدوّكم لما نالكم يوم أحد من القتل والجرح والهزيمة ، وكان قتل يومئذ خمسة من المهاجرين : حمزة بن عبد المطّلب ؛ ومصعب بن عمير ؛ وعبد الله بن جحش ابن عمّة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ وعثمان بن شمّاس ؛ وسعد مولى عتبة ، والأنصار سبعون رجلا.
وقوله تعالى : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) أي في الحجّة ، وقيل : وأنتم الغالبون في العاقبة ؛ أي تكون لكم العاقبة بالنّصر. قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩)) ؛ أي مصدّقين بوعد الله بالنّصر.
قوله عزوجل : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) ؛ أي إن يمسسكم قرح يوم أحد فقد مسّ القوم قرح مثله يوم بدر ، وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كانوا قتلوا من المشركين يوم بدر سبعون رجلا وأسروا سبعين ، وقتل يوم أحد من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم سبعون وجرح سبعون.
وقرأ محمّد بن السّميقع (قرح) بفتح القاف والراء على المصدر. وقرأ الأعمش وعاصم وحمزة والكسائيّ وخلف : بضمّ القاف فيهما ؛ وهي قراءة ابن مسعود. وقرأ