ثبتوا مع أميرهم عبد الله بن جبير حتى قتلوا (١). قوله تعالى : (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥)) ؛ أي المطيعين ، يجزيهم الجنّة في الآخرة. وقرأ الأعمش : (وسيجزي الشّاكرين) بالياء ، يعني الله عزوجل.
قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) ؛ قرأ الحسن وأبو جعفر : (وكاين) مقصورا من غير همز ولا تشديد حيث وقع. وقرأ مجاهد وابن كثير ممدودا مهموزا خفيفا على وزن فاعل. وقرأ الباقون مشدّدا مهموزا على وزن كعيّن ، وكلّها لغات صحيحة بمعنى واحد. ومعناه : وكم من نبيّ قاتل معه جماعات كثيرة ، (فَما وَهَنُوا) ؛ أي فما فرّوا فيما بينهم (لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) ؛ في طاعة الله ، (وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا) ؛ أي ما جبنوا عن قتال عدوّهم وما خضعوا لعدوّهم ؛ (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦)) ؛ على قتال عدوّهم لدين الإسلام.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو : (قتل معه). وقرأ الباقون : (قاتَلَ مَعَهُ) ، لقوله (فَما وَهَنُوا) ويستحيل وصفهم بقلّة الوهن بعد ما قتلوا.
وأمّا تأويل قتله فله ثلاثة أوجه ؛ أحدها : أن يكون القتل واقعا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم وحده ؛ وحينئذ يكون تمام الكلام عند قوله (قتل) ، ويكون هناك إضمار ، وتقديره : و (معه ربيّون كثير). والثّاني : أن يكون القتل بالنبيّ ومن معه من الرّبيّين ، ويكون معناه : قتل بعض من كان معه. يقول العرب : قتلنا بني تميم ؛ وإنّما قتل بعضهم. وقوله (فَما وَهَنُوا) راجع إلى الباقين. والثالث : أن يكون القتل للرّبيّين لا غير.
__________________
(١) عبد الله بن جبير بن النعمان ، أمير الرماة على جبل أحد ، أخو بني عمرو بن عوف ؛ وهو معلم يومئذ بثياب بيض ، والرماة خمسون رجلا. قال السهيلي : «قال ابن عباس : هو الذي كان أميرا على الرماة ؛ وكان أمرهم أن يلزموا مكانهم ، ولا يخالفوا أمر نبيهم ، فثبتت معهم طائفة ، فاستشهد واستشهدوا ، وهم الذين أرادوا الآخرة ، وأقبلت طائفة على أخذ المغنم وأخذ السلب ، فكرّ عليهم العدو وكانت المصيبة». السيرة النبوية لابن هشام : ج ٣ ص ٧٠ و١٢٠ و١٣٠.