وقوله تعالى (رِبِّيُّونَ) : قرأ ابن مسعود والحسن وعكرمة : (ربيّون) بضمّ الراء ، وقرأ الباقون بالكسر وهي لغة فاشية ، وهي جمع الرّبّة (١) وهي الفرقة. قال ابن عبّاس ومجاهد وقتادة والسّدي : (جموع كثيرة). وقال ابن مسعود : (الرّبيّون : الألوف). وقال الضحّاك : (الرّبيّة الواحدة ألف). وقال الكلبيّ : (الرّبيّة الواحدة عشرة آلاف). وقال الحسن : (الرّبيّون هم العلماء الفقهاء الصّبراء). وقال ابن زيد : (الرّبّانيّون الولّاة ، والرّبيّون الرّعيّة). وقال بعضهم : الرّبيّون الذين يعبدون الرّبّ ، كما ينسب البصرّيون إلى البصرة. وقيل : الرّبيّون المنيبون إلى الله تعالى.
قوله تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا) ؛ حكاية قول الرّبيّين ؛ أي ما كان قولهم عند قتالهم (إلّا أن قالوا : ربّنا اغفر لنا ذنوبنا) الصغائر والكبائر. والإسراف في اللغة : مجاوزة الحدّ بارتكاب الذّنوب العظام (٢). قوله تعالى : (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) ؛ أي ثبتها للقتال بتقوية قلوبنا. (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧)) ؛ أي أعنّا عليهم بإلقاء الرّعب في قلوبهم أي هلّا قلتم أيّها المؤمنون كما قال الرّبيّون ؛ وهلّا قاتلتم كما قاتلوا.
قرأ الأعمش : (وما كان قولهم) بالرفع على أنه اسم (كان) والخبر ما بعد (إلّا). وقرأ الباقون بالنصب على خبر (كان) ، والاسم ما بعد (إلّا) كما في قوله : (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا)(٣) و (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا)(٤) ونحوهما.
قوله تعالى : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) ؛ أي أعطاهم الله النصر والغنيمة والفتح والثناء الحسن في الدنيا ؛ والجنّة في الآخرة.
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٤ ص ٢٣٠ ؛ قال القرطبي : «يقال للخرقة التي تجمع فيها القداح : ربّة وربّة».
(٢) في جامع البيان : تفسير الآية ؛ قال الطبري : «وأما الإسراف : فإنه الإفراط في الشّيء ، يقال منه : أسرف فلان في هذا الأمر ، إذا تجاوز مقداره فأسرف ، ومعناه هنا : اغفر لنا ذنوبنا ...».
(٣) الأعراف / ٨٢.
(٤) الجاثية / ٢٥.