قوله تعالى : (وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١)) ؛ أي مصيرهم في الآخرة النار ، وبئس مقام الظالمين النار في الآخرة. وروي في الخبر : أنّ أبا سفيان صعد الجبل يوم أحد ؛ فقال صلىاللهعليهوسلم : [اللهمّ إنّه ليس لهم أن يعلونا] فمكث أبو سفيان ساعة ، ثمّ قال : أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطّاب؟ أين محمّد؟ فقال عمر رضي الله عنه : هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذا أبو بكر ، وها أنا عمر ، فقال أبو سفيان : نشدتك الله يا ابن الخطّاب ؛ أمحمّد في الأحياء؟ قال : إي والله يسمع كلامك ، فقال : أين الموعد؟ يعني أين نحارب بعد هذا؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : [قل : ببدر الصّغرى]. وكانت وقعة بدر الصّغرى بعد أحد بسنة ، فخرج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لبدر الصّغرى على الموعد ، ورعب المشركون فلم يتجاسروا على الحضور (١).
وروي أنّ أبا سفيان ركب الجبل يوم أحد فقال : أعل هبل ؛ أعل هبل! فقال عمر رضي الله عنه : الله أعلا وأجلّ ، فقال أبو سفيان : يوم بيوم ؛ وإنّ الأيّام دولة والحرب سجال ، فقال عمر : لا سواء (٢) قتلانا في الجنّة وقتلاكم في النّار (٣).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ) ؛ وذلك : أنّه لمّا رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه إلى المدينة وقد أصابهم ما أصابهم ، قال أناس منهم : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النّصر؟! فأنزل الله هذه الآية (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) الذي وعد بالنصر والظّفر يوم أحد وهو قوله : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا)(٤) الآية (٥).
__________________
(١) السيرة النبوية لابن هشام : غزوة بدر الآخرة : ج ٣ ص ٢٢٠.
(٢) لا سواء ؛ أي لا نحن سواء. قال السهيلي : «ولا يجوز دخول (لا) على اسم مبتدأ معرفة إلا مع التكرار ، ولكنه جاز في هذا الموضع ، لأن القصد فيه إلى نفي الفعل ؛ أي لا نستوي».
(٣) السيرة النبوية لابن هشام : شماتة أبي سفيان بالمسلمين بعد أحد : ج ٣ ص ٩٩.
(٤) آل عمران / ١٢٠.
(٥) عن محمد بن كعب القرظي ؛ ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٤ ص ٢٣٣. واللباب في علوم الكتاب : ج ٥ ص ٥٩٨.