زائدة ؛ معناه : لكي تحزنوا على ما فاتكم وما أصابكم ؛ عقوبة لكم في خلافكم وترككم المركز. قوله تعالى : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣)) ؛ أي عالم بأعمالكم من إغتمام المسلمين وشماتة المنافقين.
قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً) ؛ الآية ؛ وذلك أنّه لمّا افترق الفريقان ؛ بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليّا رضي الله عنه في إثر المشركين وقال له : [انظر ؛ فإن هم جنبوا الخيل وركبوا الإبل فهم يريدون مكّة ، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة](١). فخرج عليّ في إثرهم فإذا هم ركبوا الإبل وقادوا الخيل ، فرجع عليّ رضي الله عنه وأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم : سمعتهم يقولون إنّا قد اجتمعنا لنحارب ثانيا ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [كذبوا ؛ فإنّهم أرادوا الإنصراف إلى مكّة] فكان كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأمن المسلمون ، وألقى الله عليهم النّوم ؛ فما بقي منهم أحد إلّا وقد ضرب ذقنه صدره ؛ إلّا معتّب بن قشير وأصحابه الّذين كانوا يشكّون في أمر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ لمّا علم الله من باطنهم خلاف ما علم من باطن المؤمنين منعهم ما أعطى المؤمنين ؛ فتردّدوا في الخوف على أنفسهم وسوء الظّنّ بربهم ؛ يئسوا من نصره وشكّوا في صادق وعده وصادق عهده.
ومعنى الآية : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ) الذي كنتم فيه أمنا. قوله : (نُعاساً) بدل من (أَمَنَةً) أي أمّنكم أمنا تنامون معه ؛ لأنّ الخائف لا ينام ، ومن هنا قال ابن مسعود رضي الله عنه : (النّعاس في الصّلاة من الشّيطان ، وفي القتال من الرّحمن) (٢).
قوله تعالى : (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) ؛ قرأ الأعمش وحمزة والكسائيّ وخلف : (تغشى) بالتاء ؛ ردّوه إلى الأمنة ، وقرأ الباقون بالياء ؛ ردّوه إلى النّعاس ؛ لأن النعاس يلي الفعل ، فالتذكير أوفى منه ممّا بعد منه ، وهذا قوله تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى)(٣) بالياء والتّاء ، والمراد بالطائفة التي غشيهم النّعاس أهل الصدق
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٤١٩).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف : كتاب الجهاد : النص (١٩٣٨٧) بلفظ : «النعاس عند القتل أمنة من الله ، وعند الصلاة من الشيطان ، وتلا الآية».
(٣) القيامة / ٣٧.