واليقين. قال أبو طلحة رضى الله عنه : (رفعت رأسي يوم أحد ؛ فجعلت ما أرى أحدا من النّاس إلّا وهو يميل تحت حجفته من النّعاس) (١) قال أبو طلحة : (كنت ممّن أنزل الله عليه النّعاس يومئذ ؛ وكان السّيف يسقط من يدي ثمّ آخذه ؛ ثمّ يسقط من يدي ثمّ آخذه) (٢).
والمراد بقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) ؛ المنافقون : معتّب ابن قشير وأصحابه أمرتهم أنفسهم وحملتهم على الغمّ (٣) ، يقال لكلّ من خاف وحزن في غير موضع الحزن والخوف : أهمّته نفسه.
قوله : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) ؛ يعني هذه الطائفة التي قد أهمّتهم أنفسهم ؛ يظنّون بالله أن لا ينصر محمّدا وأصحابه ، وقيل : ظنّوا أنّ محمّدا صلىاللهعليهوسلم قد قتل ، وقوله تعالى : (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) أي كظنّ أهل الجاهليّة والشّرك ، وقيل : كظنّهم في الجاهليّة ، (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) ؛ أي ما لنا من الأمر من شيء ، لفظة استفهام ومعناها : الجحد ؛ يعنون النّصر. وقيل : معناه : هل نطمع أن يكون لنا شيء من الظّفر والدولة. وقيل : معناه : لو كان الأمر إلينا ما خرجنا ، ولكن أخرجنا إلى القتال مكرهين.
قوله تعالى : (قُلْ) ، لهم يا محمّد : (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) ، إن النّصر والظّفر والدولة كلّ ذلك لله عزوجل.
من نصب (كُلَّهُ) جعله توكيدا للأمر ، ومن رفعه جعله خبر (إِنَّ). قرأ أبو عمرو ويعقوب (كلّه) بالرفع على الإبتداء ؛ وخبره (بِاللهِ) ، وهذا المبتدأ وخبره خبر ل (إِنَّ). وقرأ الباقون بالنّصب.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٤٢١).
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب المغازي : الحديث (٤٠٦٨).
(٣) أخرج الطبري في جامع البيان : النص (٦٤٣٧) ؛ قال : «عن الزبير ؛ قال : والله إني لأسمع قول معتّب بن قشير أخي بني عمرو بن عوف ، والنعاس يغشاني ما أسمعه إلا كالحلم حين قال : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا».