فإن تكن الأبدان للموت أنشئت |
|
فمقتلها بالسّيف في الله أفضل |
واللّام في (لَئِنْ) لام القسم ، وتصلح أن تكون للابتداء والتأكيد ، واللام في (لَمَغْفِرَةٌ) جواب القسم ، وتصلح أن تكون مؤكّدة جواب الشرط.
قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) ؛ أي فبرحمة عظيمة من الله لنت لهم حتى صار لينك لهم سببا لدخولهم في الدّين ؛ لأنه صلىاللهعليهوسلم أتاهم بالحجج والبراهين مع لين وخلق عظيم ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : [إنّما أنا لكم مثل الوالد لولده](١).
و (ما) في قوله زائدة لا يمنع الباء من عملها ، مثل قولهم (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ)(٢) قال بعضهم : يحتمل أن تكون (ما) استفهامية للتعجّب ؛ تقديره : فبما رحمة من الله سهلت لهم أخلاقك وكثرة احتمالك ؛ فلم تغضب عليهم فيما كان منهم يوم أحد.
قوله : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ؛ أي لو كنت يا محمّد خشنا في القول سيّء الخلق قاسي القلب لتفرّقوا من حولك ، فلم تر منهم أحدا ، ولكنّ الله جعلك سمحا سهلا طلقا لطيفا ليّنا برّا رحيما.
قوله تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ؛ أي فاعف عنهم ما أتوه يوم أحد ؛ وتجاوز عنهم الجريمة التي تكون بينك وبينهم ، وكانوا عصوا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في ترك المركز ، وترك الآية لدعوته : [ارجعوا ارجعوا] ، فندب الله النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى العفو عنهم. قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) أي في الذنب الذي يكون منهم حتى أشفّعك فيهم.
قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) ؛ أي اذا أردت أن تعمل عملا ممّا لم يكن عندك فيه وحي فشاورهم فيه ، واعمل أبدا بتدبيرهم ومشورتهم ، وكان صلىاللهعليهوسلم مستغنيا عن مشورتهم ، فإنّه كان أرشدهم وأكملهم رأيا ، لكنّ الله إنّما أمره بالمشاورة
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٢٥٠. وأبو داود في السنن : كتاب الطهارة : باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة : الحديث (٨). والنسائي في السنن : كتاب الطهارة : ج ١ ص ٣٨ ، وإسناده صحيح.
(٢) النساء / ١٥٥.