عند قومكم بمعصية الرّماة بتركهم ما أمرهم به النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥)) ؛ أي على كلّ شيء من النّصر وغير ذلك قادر.
قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) ؛ معناه : ما أصابكم يا معشر المسلمين يوم أحد يوم التقى جيش المسلمين ، وجيش المشركين يوم أحد من القتل والجروح والهزيمة فبعلم الله وقضائه وإرادته ، ويقال : أراد بالإذن : التّخلية بين المؤمنين والكفّار ، وإلّا فالله لا يؤذن بالمعصية.
قوله تعالى : (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) ؛ أي ليري المؤمنين ، وقيل : لتعلموا أنتم أنّ الله قد علم نفاقهم ، وأنتم لم تكونوا تعلمون ذلك ، والمعنى : ليرى الله إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم ، ويرى المنافقين بفشلهم ، وقلّة صبرهم على ما ينزل به في ذات الله تعالى. (وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ) ؛ ذلك أنّ عبد الله بن أبيّ وأصحابه لمّا رجعوا إلى المدينة قال لهم عبد الله بن جبير : (تعالوا إلى أحد وقاتلوا في طاعة الله وادفعوا في أنفسكم وأهلكم وحريمكم) ، فقال المنافقون : لا يكون قتال اليوم ، ولو نعلم أن يكون قتال لكنّا معكم (١).
قوله تعالى : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) ؛ أي كانوا قبل ذلك القول عند المؤمنين أقرب إلى الإيمان بظاهر حالهم ؛ ثم هتكوا سترهم وأظهروا ميلهم إلى الكفر ؛ فصاروا في ذلك اليوم أقرب إلى الكفر. قوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) ؛ كناية عن كذبهم في قولهم (لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ). قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (١٦٧)) ؛ أي بما يخفون من الشّرك.
قوله تعالى : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا) ؛ معناه : الذين قالوا لإخوانهم من المنافقين بالمدينة وقعدوا بأنفسهم عن الجهاد : لو أطاعونا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٥٢٢) ، وفيه أن الذي خاطبهم عبد الله بن عمر وابن حرام أخو بني سلمة. وفي النص (٦٥٢٤) من قول عبد الله بن جابر بن أبي عبد الله الأنصاري. ونقله في الدر المنثور : ج ٢ ص ٣٦٩ قال : «أخرجه ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر».