قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) ؛ أي لا تظنّهم يا محمّد بمنجاة ؛ أي بعد من العذاب ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨)) ؛ وجيع في الآخرة ، وتكرار (لا تحسبن) لطول القصّة. ويجوز أن يكون خبر (لا تَحْسَبَنَّ) الأوّل مضمرا تقديره : لا يحسبنّ الذين يفرحون بما أوتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لن يفعلوا ناجين ، ومن قرأ (بما أوتوا) بالمدّ ؛ فمعناه : بما أعطوا من النفقة والصّدقة. ومن قرأ (بما أتوا) بما أعطوا من الدّنيا.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩)) ؛ أي ولله خزائن السّموات والأرض ، فخزائن السموات المطر ، وخزائن الأرض النبات ، ووجه اتّصال هذه الآية بما سبق أنّ في هذا تكذيب اليهود في قولهم : إنّ الله فقير ، ونحن أغنياء ، وبيان أنّ من كان مالك السّموات والأرض قادر على الانتقام من الكفّار ، والإثابة للمؤمنين وعلى كلّ شيء.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠)) ؛ معناه : إنّ في خلق السّموات بما فيها من الشّمس والقمر والنّجوم ، والأرض بما فيها من الجبال والشّجر والنّبات والدواب واختلاف اللّيل والنّهار في المجيء والذهاب واللون لعلامات واضحات لذوي العقول على توحيد الله.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) ؛ بيان لصفة أولي الألباب ، ومعنى الذّكر المطلق ؛ أي يذكرون الله في جميع أحوالهم ، وقيل : المراد به الصّلاة ؛ أي لا يتركون الصّلاة ؛ صحّوا أو مرضوا ، يصلّون قياما إن استطاعوا ؛ أو جلوسا إن لم يستطيعوا القيام ؛ ومضطجعين إن لم يستطيعوا الجلوس.
قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ؛ أي في عظم شأنهما ومن فيهما من الآيات والعبرات ؛ القائلين : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) ؛ أي ما خلقت هذا الخلق للباطل والعبث ؛ بل خلقته دليلا على وحدانيّتك وصدق ما أتت به أنبياؤك.