قوله تعالى : (سُبْحانَكَ) ؛ أي تنزيها لك وبراءة لك من أن تكون خلقتهما باطلا ؛ (فَقِنا) ؛ فادفع ؛ (عَذابَ النَّارِ (١٩١)) ؛ قال صلىاللهعليهوسلم : [من أحبّ أن يرتع في رياض الجنّة فليكثر ذكر الله](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [ذكر الله علم الإيمان ؛ وبراءة من النّفاق ؛ وحصن من الشّيطان ؛ وحرز من النّيران].
قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي لهما صانع قادر مريد حكيم ، وكان سفيان الثوريّ يبول الدّم من طول حزنه وفكرته ، وكان إذا رفع رأسه إلى السّماء فرأى الكواكب غشي عليه.
وانتصب قوله (باطِلاً) بنزع الخافض ؛ أي ما خلقته للباطل ، فقيل على المفعول الثاني ، وقوله : (ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) ذاهبا به إلى لفظ الخلق ، ولو ردّه إلى السّماء والأرض لقال : هذه (٢).
قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) ؛ أي فقد أهنته وذلّلته ؛ وقيل : أهلكته ؛ وقيل : فضحته ؛ (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢)) ؛ أي ما لهم من مانع يمنعهم ممّا يراد دونهم من العذاب.
قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) ؛ أي يقولون ربّنا إنّنا سمعنا محمّدا صلىاللهعليهوسلم يدعو الخلق إلى الإيمان أن آمنوا بربكم فأجبنا إلى ما دعانا إليه وأمرنا به. وقال محمّد بن كعب القرظيّ : (المنادي هو القرآن ؛ يدعو النّاس كلّهم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، وقوله : (لِلْإِيمانِ) أي إلى الإيمان ، كقوله (لِما نُهُوا عَنْهُ)(٣).
__________________
(١) عن معاذ بن جبل ؛ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف : كتاب الزهد : باب ما جاء في فضل ذكر الله : النص (٣٥٠٤٩). وفي كتاب أقضية الرسول : ج ٦ ص ٥٩ : الحديث (٢٩٤٤٨).
(٢) في الكشف والبيان : ج ٣ ص ٢٣٢ ؛ قال الثعلبي : (لقال : هذه باطلا عبثا هزلا). وفي المخطوط رسم الحرف فكتب : (لقا هذ).
(٣) الأنعام / ٢٨.