قوله تعالى : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ؛ أي اغفر لنا الكبائر وما دونها ؛ (وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) ؛ أي شركنا في الجاهليّة ، (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣)) ؛ أي اجعل أرواحنا مع أرواح الأنبياء والصالحين الذين كانوا قبلنا.
قوله تعالى : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) ؛ أي أعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك ، (وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ) ؛ أي لا تعذّبنا ، (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤)) ؛ من الثّواب والجنّة للمؤمنين ، فإن قيل : ما فائدة قولهم (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) وقد علموا أنّ الله لا يخلف الميعاد؟ قيل : فائدته التّعبّد والخضوع ورفع الحاجة إليه في عموم الأحوال.
قوله تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) ؛ قال الكلبيّ : (معنى في الدّين والنّصرة والموالاة). وقيل : حكم جميعكم في الثّواب واحد ، وقيل : كلّكم من آدم وحوّاء. وقال مجاهد : (قالت أمّ سلمة : يا رسول الله ؛ إنّي أسمع الله يذكر الرّجال في الهجرة ، ولا يذكر النّساء بشيء ، فأنزل الله هذه الآية (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)(١). قال الضحّاك : (معناه : رجالكم شكل نسائكم في الطّاعة ، ونساؤكم شكل رجالكم في الطّاعة).
قوله تعالى : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي) ؛ الآية أي الذين هاجروا من مكّة إلى المدينة ، وأخرجوا من أوطانهم وأوذوا في طاعتي ، (وَقُتِلُوا) ؛ المشركين مع محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وقتلهم العدوّ.
قوله تعالى : (وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) ؛ ذنوبهم ، (وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ؛ أي بساتين تجري من تحت شجرها ومساكنها الأنهار ، (ثَواباً) ؛ جزاء ، (مِنْ عِنْدِ اللهِ) ؛ انتصب (ثَواباً) على المصدر ؛ معناه : لآتينّهم ثوابا. قوله تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥)) ؛ أي حسن الجزاء للموحّدين المطيعين.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٦٦٩ و٦٦٧١).