قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ إمّا قال هكذا ليبيّن أنّ إبراهيم مع كونه خليل الله وأنه لم يتّخذه لحاجته إليه ، لكنّه اتّخذه خليلا جزاء على عمله. وقال بعضهم : إنّما قال ذلك لأنّه لمّا أمر الناس بطاعته حثّهم على الطّاعة بما يوجب الرغبة فيها ؛ وهو كونه مالك السّموات والأرض. قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (١٢٦)) ؛ أي عالما بكلّ شيء ، قادرا على كلّ شيء من كلّ وجه ، فلا يخرج شيء عن مقدوره.
قوله عزوجل : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ) ؛ قال ابن عبّاس : (نزلت في أمّ كجّة امرأة أوس بن ثابت وبناتها منه ؛ لمّا أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتوريثهنّ من أوس ، أقبل عيينة بن حصين الفزّاريّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فقال : يا رسول الله ؛ إنّك قد ورّثت النّساء والبنات والصّغار ؛ ولم نكن نحن نورّث إلّا من قاتل على ظهور الخيل وحاز الغنيمة ، فأنزل الله هذه الآية) (١).
ويقال : إنّها نزلت بعد نزول قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) إلى قوله (عَلِيماً حَكِيماً) قبل نزول فرض الزّوجات ، فجاؤوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستفتونه في ميراث أمّ كجة امرأة المتوفّى ، فأنزل الله هذه الآية ووعدهم أن يفتيهم في ميراث الزوجات ؛ فأفتاهم في ذلك بقوله تعالى (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) إلى آخر الآية.
ومعنى الآية : يستفتونك يا محمّد في أمر النّساء وما يجب لهنّ من الميراث ، قل الله يبيّن لكم ميراثهن ، والذي يقرأ عليكم في كتاب الله في أوّل هذه السّورة ، يفتيكم ويبيّن لكم ما سألتم عنه في بنات أمّ كجة اللّاتي لا تعطوهنّ ما فرض لهنّ من الميراث وهو قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ).
قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) ؛ أي ترغبون عن نكاحهنّ لدمامتهنّ فلا تعطوهنّ نصيبهن من الميراث لمن يرغب فيهنّ غيركم ؛ وذلك أنّ بني أعمام تلك البنات كانوا أولياءهنّ ؛ وكانوا لا يعطونهنّ حظّهنّ من الميراث ، ويرغبون
__________________
(١) تقدم.