واختلف أهل العلم في حدّ التعليم ؛ قال أبو حنيفة رحمهالله : (ليس فيه حدّ مؤقّت ، وإنّما يرجع فيه إلى أهل الصّنعة ، فإن حكموا بتعليمه حلّ صيده بعد ذلك وإلّا فلا ؛ لأنّ الاصطياد للكلاب بمنزلة الحرف والصّناعات للنّاس ، وليس في معرفة كون الإنسان عالما بصنعته متقدّما على حرفته حدّ يؤمن عليه ، ولكن يرجع في كلّ إلى أهلها).
وقال أبو يوسف ومحمّد وكثير من الفقهاء : (إذا دعي الكلب ثلاث مرّات على الولاء فأجاب ؛ وأرسل فاسترسل ، وأخذ الصّيد ولم يأكل ، حكمنا بكونه معلّما ؛ لأنّ التّعليم لا يحصل بالمرّة الواحدة ، ويحصل بالمرّات الكثيرة ، فجعل الحدّ الفاصل بين القليل والكثير بالثّلاث الّتي هي أقل الجمع الصّحيح).
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤) ؛ قد تقدّم تفسيره ، وروى أبو رافع قال : (جاء جبريل عليهالسلام إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاستأذن ؛ فأذن له فلم يدخل ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم رداءه وخرج إليه فقال له : [قد أذنّا لك يا رسول الله!] قال : أجل ؛ ولكنّا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة. فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو) (١).
وعن عليّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب](٢) قال أبو رافع : (فأمرني رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا أدع كلبا في
__________________
(١) في مجمع الزوائد : ج ٤ ص ٤٢ ـ ٤٣ : كتاب الصيد والذبائح : باب ما جاء في الكلاب ؛ قال الهيثمي : «رواه الطبراني في الكبير وفيه موسى بن عبيدة الربذي ، وهو ضعيف». وفي مصنف ابن أبي شيبة : كتاب اللباس والزينة : باب في الصور والبيت : الحديث (٢٥١٨٥) عن سلمى (أم رافع) مختصرا. وفي أسباب النزول : ص ١٢٧ ؛ قال الواحدي : «رواه الحاكم في صحيحه ، وذكر المفسرون شرح هذه القصة». وأسنده عن أم رافع وأبي رافع. وفي لباب النقول : ص ٨٧ ؛ قال السيوطي : «رواه الطبراني والحاكم والبيهقي وغيرهم عن أبي رافع».
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ٨٣ و١٠٤ و١٣٩ و١٥٠. وأبو داود في السنن : كتاب الطهارة : باب في الجنب يؤمر بالغسل : الحديث (٢٢٧) ، وكتاب اللباس : باب في الصور : الحديث (٤١٥٢). والنسائي في السنن الصغرى : كتاب الطهارة : باب في الجنب إذا لم يتوضأ : ج ١ ص ١٤١ ، وكتاب الصيد والذبائح : ج ٧ ص ١٨٥. عن عبد الله بن نجي عن أبيه ، من أصحاب علي رضي الله عنه.