وقد تكلّموا في ذكر الموازين يوم القيامة ؛ قال ابن عبّاس : (توزن الحسنات والسّيّئات في ميزان له لسان وكفّتان توضع فيه أعمالهم ، فأمّا المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة ؛ فيوضع في كفّة الميزان ؛ فتثقل حسناته على سيّئاته ؛ فيوضع عمله في الجنّة عند منازله ، ثمّ يقال له : إلحق بعملك ؛ فيأتي منازله في الجنّة فيعرفها بعمله.
وأمّا الكافر ؛ فيؤتى بعمله في أقبح صورة ؛ فيوضع في كفّة الميزان ؛ فيخفّ ـ والباطل خفيف ـ ثمّ يرفع فيوضع في النّار ، ثمّ يقال له : إلحق بعملك ؛ فيلحق فيأتي منازله في النّار) (١).
وقيل : إنّ المراد بالعمل في هذا الخبر أنّ الله يجعل للحسنات صورة حسنة ؛ وللسيّئات صورة قبيحة ، إلّا أن عين الأعمال توزن ؛ لأنّ الأعمال أعراض منقضية لا تعاد. وقال ابن عمر : (يؤتى بصحف الطّاعات وصحف المعاصي ، فتوزن الصّحف).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [يؤتى بالعبد المؤمن يوم القيامة إلى الميزان ، ثمّ يؤتى بتسعة وتسعين سجلا ؛ كلّ واحد منهم مدّ البصر ؛ فيها خطاياه وذنوبه ؛ فتوضع في كفّة الميزان ، ثمّ تخرج بطاقة من تحت العرش بمقدار أنملة ؛ فيها شهادة أن لا إله إلّا الله ؛ فتوضع في الكفّة الأخرى. فيقول العبد : يا رب ؛ ما تزن هذه البطاقة مع هذه الصّحائف؟! فيأمر الله أن توضع ؛ فإذا وضعت في الكفّة طاشت الصّحف ورجحت البطاقة](٢).
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٤٢٠ ؛ قال السيوطي : ((أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس)). وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان : باب في حشر الناس : الحديث (٢٨٢) ؛ قال :
((ذهب أهل التفسير إلى إثبات الميزان بكفتيه ، وجاء في الأخبار ما يدل عليه. وقد روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ... وذكره)).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١١١٤٩). ورواه ابن ماجة في السنن : كتاب الزهد : الحديث (٤٣٠٠) عن عبد الله بن عمر. والبيهقي في شعب الإيمان : الحديث (٢٨٣).