سورة التّوبة
سورة التّوبة مدنيّة ؛ وهي عشرة آلاف وأربعمائة وثمانية وثمانون حرفا ، وأربعة آلاف وثمان وتسعون كلمة ، ومائة وثلاثون آية.
قوله عزوجل : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١) أي هذه من الله ، فيكون رفعا على الابتداء ، ويجوز أن يكون (براءة) رفعا بالابتداء ، وخبره : (إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ.) والبراءة : رفع العصمة ، يقال : فلان بريء من فلان ، وبرئ الله من المشركين. وإنما ذكر الله تعالى هذه الآية من العهد ؛ لأنّ المشركين كانوا ينقضون العهد قبل الأجل ، ويضمرون الغدر ، فأمر الله بنبذ العهد إليهم ، إما بخيانة مستورة ظهرت أمارتها منهم ، وإما أن يكون شرط النبيّ عليهالسلام لنقضهم في العهد أن يقرّهم ما أقرّهم الله.
فأما ترك البسملة في أوّل هذه السّورة ، فقد روي أنّ أبيّ بن كعب سئل عن ذلك فقال : (لأنّها نزلت في آخر ما نزل من القرآن ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمر أوّل كلّ سورة (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ولم يأمر في سورة البراءة بذلك ، فضمّت إلى الأنفال لشبهها بها) (١) يعني أنّ أمر العهود مذكور في الأنفال ، وهذه السّورة نزلت بنقض العهود. سئل عليّ رضي الله عنه عن هذا فقال : (لأنّ هذه السّورة نزلت في السّيف ، وليس للسّيف أمان ، وبسم الله الرّحمن الرّحيم من الأمان ، ولأنّ البسملة رحمة ، والرّحمة أمان ، وهذه السّورة نزلت بالسّيف ولا أمان فيه) (٢).
__________________
(١) هذا الأثر مروي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ قال : (قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه : ما حملكم إلى أن عمدتم إلى الأنفال وهي المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا (بسم الله الرّحمن الرّحيم) ...). أخرجه الترمذي في الجامع : أبواب التفسير : الحديث (٣٠٨٦) ، وقال : حديث حسن.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : سورة التوبة : الحديث (٣٣٢٦). وفي الدر المنثور :