ويروى أنّ عليّا رضي الله عنه خرج يوم النّحر على بغلة بيضاء إلى الجبانة ، فجاءه رجل فأخذ بلجامها وسأله عن يوم الحجّ الأكبر ، فقال : (هو يومك هذا ، خلّ سبيله) (١). وسئل عبد الله بن أبي أوفى عن يوم الحجّ الأكبر ، فقال : (سبحان الله! هو يوم النّحر يوم يهراق فيه الدّماء ونحلق فيه الشّعر ويحلّ فيه المحرّم) (٢).
قوله تعالى : (وَأَذانٌ) عطف على قوله : (براءة). قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) أي أن الله ورسوله بريء من المشركين ، تقديره : أنّ الله بريء ورسوله أيضا بريء. ومن قرأ (ورسوله) بالنصب فعلى معنى وأن رسوله بريء.
قوله تعالى : (فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ؛) أي تبتم من الشّرك فهو خير لكم من الإقامة عليه. قوله تعالى : (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ؛) معناه : وإن أعرضتم ، (فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ؛) فائتين عن ؛ (اللهِ.)
وقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣) ؛ تكرار للوعيد ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (كنت مع عليّ رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالبراءة إلى مكّة) فقيل لأبي هريرة : بم إذا كنتم تنادون؟ قال : (كنّا ننادي : أنّه لا يدخل الجنّة إلّا مؤمن ، ولا يحجّنّ هذا البيت بعد هذا العام مشرك ولا عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد فأجله إلى أربعة أشهر ، فإذا مضت أربعة أشهر فإنّ الله بريء من عهد المشركين ورسوله).
قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ ؛) استثناء من الله تعالى من قوله : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) وأراد بقوله : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ) بني ضمرة وهم حيّ من بني كنانة عاهدهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية عند البيت ، وكان بقي لهم من عهدهم تسعة من بعد يوم النّحر من السّنة التي حجّ
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٧٤٨).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الآثار (١٢٧٦٦) الرابع منها والسادس.