قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ؛) أي لو شاء ربّك يا محمّد لآمن أهل الأرض كلّهم. وقيل : معناه : لو شاء ربّك لأن يجبر الناس على الإيمان لآمن من في الأرض كلهم جميعا ، كما آمن قوم يونس.
قوله تعالى : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٩٩) ؛ معناه : أفأنت تريد إكراه الناس على الإيمان إن لم يرد الله إكراههم عليه مع أنه قادر على إكراههم عليه ، فلا ينبغي لك أن تريد هذا ، وأنت غير قادر على إكراههم عليه. وقيل في سبب نزول هذه الآية : أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان حريصا على أن يسلم عمّه أبو طالب وقومه ، فأعلمه الله بهذه الآية أنّ إسلامهم ليس بيده.
قوله : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ؛) أي بتوفيقه ، ويقال : إلا بأمره وقد أمر الله الكلّ بالإيمان ، وقيل : معناه : إلا بتمكين الله. قوله تعالى : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (١٠٠) ؛ قال ابن عبّاس : (السّخط) (١) ، قال أبو الحسن : (العذاب على الّذين لا يعقلون) أي على الذين لا ينتفعون بعقولهم ، وقال الحسن : (يحكم عليهم بالكفر ويذمّهم عليه).
قوله : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي قل لهم يا محمّد تفكّروا فيما في السموات والأرض من الآيات والدّلالات نحو مسير الشمس والقمر والنّجوم في مجاريها في أوقات معلومة على الدّوام ، ووقوف السّماء بغير عمد ولا علاقة ، وخروج النّتاج من الأمّهات ، وانظروا إلى الجبال والشّجر وغير ذلك ، وكلّ هذا يقتضي مدبر الأمر يشبه الأشياء ولا تشبهه ، (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠١). ثم قال حين لم يتفكّروا.
قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) معناه : ما تنفع الآيات ، ولا تدفع عمّن سبق في علم الله أنه لا يؤمن ، فهل ينظرون إلا أن يصيبهم مثل ما أصاب الأمم قبلهم من العذاب ، يقال : أيّام فلان ؛ ويراد به أيام
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٨٥٨).