بيت صالح ، و (قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريّا) أي منكرا عظيما لا يعرف منك ، ولا من أهل بيتك.
قوله تعالى : (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ ؛) قال ابن عبّاس : (هارون رجل صالح من بني إسرائيل نسبت إليه) والمعنى : يا شبيهة هارون في العبادة. روي أن أهل الكتاب قالوا : كيف يقولون إنّ مريم أخت هارون وبينهما ستّمائة سنة ، فذكر ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : [إنّهم كانوا يسمّون باسم الأنبياء والصّالحين](١).
فعلى هذا يجوز أنّ أخا مريم كان يسمّى هارون. وقال السديّ : (هو هارون أخو موسى عليهماالسلام ، نسبت إليه ؛ لأنّها من ولده كما يقال يا أخا بني فلان) (٢). وقيل : كان رجلا فاسقا معروفا بالفسق فنسبت إليه. وقوله تعالى : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) قال ابن عبّاس : (يريد زانيا) ، (وَما كانَتْ أُمُّكِ ؛) حنّة ؛ (بَغِيًّا) (٢٨) ؛ أي ما كانت بغيّا ، فمن أين لك هذا الولد.
قوله تعالى : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ ؛) أي أشارت إلى عيسى عليهالسلام وهو يرضع بأن كلّموه ، فعجبوا من ذلك و (قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) (٢٩) ؛ أي في الحجر رضيعا ، والمهد ههنا حجر أمّه ، وقيل : هو المهد بعينه. قال أبو عبيدة : (كان ههنا زائدة لا معنى لها). والمعنى كيف نكلّم صبيا في المهد ، ويجوز أن تكون (مَنْ) في موضع الشّرط والجزاء ، والمعنى من يكن في المهد صبيّا فكيف نكلّمه ، والماضي بمعنى المستقبل في باب الجزاء ، ويجوز أن يكون (صَبِيًّا) نصب على الحال ؛ أي كيف نكلّم من في المهد صبيا ؛ أي في هذه الحالة.
قال السديّ : (فلمّا أشارت إلى عيسى عليهالسلام غضبوا وقالوا : لسخريتها بنا أشدّ من زناها. فلمّا سمع عيسى كلامهم ، ترك الرّضاع وأقبل بوجهه عليهم و (قالَ إِنِّي
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح : كتاب الآداب : باب النهي عن التكني بأبي القاسم : الحديث (٩ / ٢١٣٥).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧٨٥٢).