من حرّه ، أعدّ للزّاني وشارب الخمر وآكل الرّبا وأهل العقوق ولشاهد الزّور ، ولإمرأة أدخلت على زوجها ولدا من غيره).
وقيل : الغيّ واد في جهنّم يسيل قيحا ودما أعدّ للغاوين ، فسمي غيّا ؛ لأنه جزاء الغيّ ، كما قال تعالى (يَلْقَ أَثاماً)(١) أي جزاء الإثم. وقال كعب : (الغيّ واد في جهنّم أبعدها قعرا وأشدّها حرّا ، فيه بئر يسمّى بهغم ، كلّما خبت جهنّم فتح لها باب إلى تلك البئر فتسعر به جهنّم).
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) (٦٠) ؛ معناه : إلّا التائبين منهم ، ويجوز أن يكون نصبا استثناء من غير الأوّل على معنى لكن من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنّة ولا ينقصون من حسناتهم.
قوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ ؛) أي بساتين إقامة ، وقوله تعالى : (بِالْغَيْبِ) يعني أنّهم غابوا عن ما فيها ، وانتصب قوله (جَنَّاتِ) ؛ لأنه بدل من الجنة. قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) (٦١) ؛ أي موعوده آتيا كائنا ، وإنّما لم يقل آتيا ؛ لأن كلّ ما أتاك فقد أتيته.
قوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً ؛) أي لا يسمعون في الجنّة كلاما ساقطا ، ولا يسمعون إلّا سلاما ، يسلّم بعضهم على بعض ، والسّلام هو الكلام الذي لا لغو فيه ولا إثم. وقيل : معناه : لا يسمعون في الجنة كلاما باطلا وفحشاء وهدرا وفضولا من الكلام. وقال مقاتل : (يمينا كاذبة ولا يسمعون إلّا سلاما ، يسلّم بعضهم على بعض ، ويسلّم عليهم الملائكة ، ويرسل إليهم الرّبّ بالسّلام).
قوله تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (٦٢) ، قال المفسّرون : ليس في الجنّة بكرة وعشيّة ، ولكنّهم يؤتون رزقهم على مقدار ما يعرفون من الغداء والعشاء ، قال قتادة : (كان العرب إذا حصل لأحدهم الغداء والعشاء أعجب به ، فأخبر
__________________
(١) الفرقان / ٦٨.