والسّعادة : هي المنفعة التي تكون في العاقبة. والشّقوة بفتح الشّين بمنزلة الفعلة الواحدة ، وكسر الشّين في هذا دالّ على الكثرة واللّزوم (١).
قوله تعالى : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها ؛) أي من النار إلى الدّنيا ، (فَإِنْ عُدْنا) إلى التّكذيب والمعاصي ، (فَإِنَّا ظالِمُونَ) (١٠٧).
قوله تعالى : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (١٠٨) ؛ (اخْسَؤُا) كلمة إهانة ومذلّة ؛ وهي في الأصل لطرد الكلاب ، تقول : خسأت الكلب إذا طردته ؛ فخسأ أي تباعد. قال الزجّاج : (معناه تباعدوا تباعد سخط ، وابعدوا بعد الكلب ، ولا تكلّمون في رفع العذاب عنكم ، ولا تسألون الخروج من النّار ، فإنّي لا أدفع عنكم العذاب ، ولا أهوّنه عليكم) (٢).
قال عبد الله بن عمرو : (أنّ أهل جهنّم يدعون مالكا أربعين عاما فلا يجيبهم ، ثمّ يقول : إنّكم ماكثون ، ثمّ ينادون ربّهم : ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون. فلا يجيبهم مقدار عمر الدّنيا ، ثمّ يردّ عليهم : إخسئوا فيها ولا تكلّمون بعد ذلك ، ويكون لهم زفير كزفير الحمير ، وشهيق كشهيق البغال ، وعويّ كعويّ الكلاب) (٣).
قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ ؛) أي يقال لهم : إنه كان طائف من عبادي يقولون : (رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) (١٠٩) ؛ وهم الأنبياء والمؤمنون ، وهذا تعليل لاستحقاقهم العذاب بما عاملوا الأنبياء والمؤمنين باتّخاذهم سخريّا.
وقوله تعالى : (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ؛) أي تسخرون منهم وتستهزئون بهم. قرأ نافع وحمزة والكسائيّ : بضمّ السّين ها هنا وفي ص ، وقرأ الباقون بكسرها وهما
__________________
(١) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ١٨٦ ـ ١٨٧.
(٢) في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٢٠ ؛ قال الزجاج : (معنى اخْسَؤُا : تباعدوا تباعد سخط ، يقال : خسأت الكلب أخسؤه : إذا زجرته ليتباعد).
(٣) رواه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٥٤٤). وابن أبي حاتم في التفسير : ج ٨ ص ٢٥٠٨ : الأثر (١٤٠٤٦).