كما تهمل البهائم؟ قوله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ؛) أي هو الملك الحقّ الذي له الملك ؛ لأنه ملك غيره ، وكلّ من ملك غيره فملكه مستعار له ، فإنه لا يملك إلّا بتمليكه الله إياه ، فكأنه لا يعتدّ بملكه في ملك الله.
قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (١١٦) ؛ سمي العرش كريما لكثرة خيره بمن حوله ، يقال : فلان كريم ؛ أي كثير الخير.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ؛) أي من يدع مع الله إلها آخر لم ينزل بعبادته كتاب ولا بعث لها رسول ولا حجّة له عليه ، فإنّما حسابه عند ربه ، فهو يجازيه بما يستحقّ كما قال تعالى : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(١) ، وقوله تعالى : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) (١١٧) ؛ أي لا يسعد من جحد وكذب ، ولا يأمن ولا ينجو من عذاب الله الكافرون.
قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) (١١٨) ؛ يحتمل أن يكون أمرا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم بالاستغفار منه ، كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إنّي لأستغفر الله كلّ يوم سبعين مرّة](٢) ، ويروى [مائة مرّة](٣).
وعن ابن مسعود : أنّه مرّ بشابّ مبتلى ، فقرأت في أذنه (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) حتّى ختم السّورة فبرئ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [وما ذا قرأت في أذنه؟] فأخبره ، فقال : [والّذي بعثني بالحقّ نبيّا ؛ لو أنّ رجلا مؤمنا قرأها على جبل لزال](٤).
آخر تفسير سورة (المؤمنون) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) الغاشية / ٢٦.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط : ج ٥ ص ١٢٤ : الحديث (٤٢٣٤). والإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٢٨٢. وابن ماجة في السنن : كتاب الأدب : الحديث (٣٨١٦).
(٣) رواه الطبراني في الأوسط : ج ٣ ص ٤٥٦ : الحديث (٢٩٧٨). والإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣٩٤. وابن ماجة في السنن : كتاب الأدب : باب الاستغفار : الحديث (٣٨١٥).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : النص (١٤٠٧٠). وفي الدر المنثور : ج ٦ ص ١٢٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن السني في عمل اليوم والليلة وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه).