والبرد في الشتاء. ولم يذكر البرد في الآية ؛ لأنه لمّا ذكر الحرّ فقد دلّ به على ما في مقابلته من البرد.
قوله تعالى : (وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ؛) أراد به الدّروع من الحديد يتّقون بها في الحرب سلاح العدوّ ، يعني الطعن والضرب والرمي.
قوله تعالى : (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ؛) في سائر الأشياء ، كما أتمّها عليكم في هذه الأشياء ، (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (٨١) ؛ لكي تسلموا ، قال ابن عبّاس : (معنى قوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) أي لعلّكم يا أهل مكّة تعلمون أنّه لا يقدر على هذا غير الله فتؤمنوا به وتصدّقوا رسوله). وفي قراءة ابن عبّاس (لعلّكم تسلمون) (١) بنصب التاء من الجراحات إذا لبستم الدروع من الحديد ، ومن الحرّ والبرد إذا لبستم القميص.
قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٨٢) أي إن أعرضوا عن الإيمان ، فإنما عليك يا محمّد البلاغ الظاهر ، وهو أن تبلّغ الرسالة ، وتبيّن الدلالة ، فلما ذكر لهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم هذه النّعم ، قالوا : أنعم يا محمّد هذه كلّها من الله؟
ثمّ قالوا : شفاعة آلهتنا ، فأنزل الله تعالى قوله : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ؛) أي يعرفون أنّ هذه النعم كلّها من الله ، (ثُمَّ يُنْكِرُونَها ،) بإضافتها إلى الأوثان ، ويشكرون الأوثان عليها. قوله تعالى : (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) (٨٣) ؛ أي كلّهم يكفرون بالله وبنعمته ، فذكر الأكثر والمراد به الجميع.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ؛) يعني يوم القيامة تشهد الأنبياء على أممهم بما فعلوا من التصديق والتكذيب ، وتشهد العدول من كلّ عصر على أهل عصرهم. قوله تعالى : (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ؛) أي لا يؤذن لهم بعد شهادة الرّسل في الاعتذار ، (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٨٤) ؛ ولا ينفعهم الاعتذار يومئذ ولا يجابون إلى الردّ إلى الدّنيا.
__________________
(١) أخرجها الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٤٨١) بإسنادين.