الزوجين ، قيل : النكاح المعقود بشرط التحليل باطل عند الأكثر وجائز عند أبي حنيفة رحمهالله مع الكراهة إن صرحا التحليل وإن أضمراه فلا كراهة (١)(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي أحكامه المعلومة (يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [٢٣٠] لأنهم يحفظونها ، والجاهل إذا بين له لا يحفظ ولا يتعاهد.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١))
ونزل فيمن طلق امرأته فلما دنت عدتها من الخروج راجعها ثم طلقها مضارة لها قوله (٢)(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي قربن من انقضاء المدة ، وذلك بأن مضى عليها ثلث حيض قبل أن تغتسل أو قبل أن تخرج من العدة (فَأَمْسِكُوهُنَّ) أي راجعوهن (بِمَعْرُوفٍ) أي من غير طلب إضرار لهن بالرجعة (أَوْ سَرِّحُوهُنَّ) أي اتركوهن (بِمَعْرُوفٍ) أي خلوهن حتى تبين (٣) بانقضاء عدتهن (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً) أي لا ضرارهن أو ضارين بهن بتطويل العدة عليهن بالرجعة في آخر العدة والطلاق بعدها (لِتَعْتَدُوا) أي لتظلموهن بتطويل الحبس فتلجؤهن إلى الإفتداء بالمال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي الإضرار (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أي أضرها بمعصيته (٤) في الإضرار أو عرض نفسه بعذاب النار (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ) أي القرآن (هُزُواً) أي لعبا بأن يطلق الزوج ويقول : كنت لاعبا أو ينكح أو يعتق ويقول : كنت لاعبا ، قال عليهالسلام : «ثلثة ، جدهن جد وهزلهن جد : النكاح والطلاق والعتاق» (٥) ، وفي رواية «الرجعة» مكان «العتاق» (وَاذْكُرُوا) أي احفظوا (نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) أي الإسلام (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ) أي القرآن (وَالْحِكْمَةِ) أي الفقه في الدين والموعظة للعمل (يَعِظُكُمْ) الله (بِهِ) أي بالنازل عليكم (وَاتَّقُوا اللهَ) من المخالفة (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [٢٣١] أي بسركم وجهركم من أعمالكم فيجازيكم به.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢))
قوله (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي انقضت عدتهن (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) نزل في معقل بن يسار حين طلق أبو الدحداح أخته ، ثم ندم فخطبها بعد عدتها فرضيت ومنعها أخوها أن تتزوجه (٦) ، أي لا تحبسوهن وتمنعوهن من (أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ) الذين يرغبن فيهم ويصلحون لهن (إِذا تَراضَوْا) أي النساء والمريدون نكاحهن (بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) أي بما يحسن في الدين من نكاح جديد ومهر صالح ، وقيل : بمهر المثل عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنها إذا زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها فلأوليائها أن يعترضوا إلى أن يكمل وإلا فلهم أن يفرقوها عنه لذلك (٧)(ذلِكَ) أي النهي والخطاب لكل إنسان أو للنبي عليهالسلام (يُوعَظُ بِهِ) أي ينهى ويؤمر به (مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي بالحساب والعقاب والثواب (ذلِكُمْ) أيها الجمع (أَزْكى) أي أصلح (لَكُمْ وَأَطْهَرُ) لقلوبكم من الريبة وأنفسكم من دنس الإثم (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما في قلب أحدكم من الحب لصاحبه أو ما فيه صلاحكم من الأحكام والشرائع (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [٢٣٢] أي وأنتم تجهلون ذلك ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) أخذه عن الكشاف ، ١ / ١٣٣.
(٢) لعل المفسر اختصره من البغوي ، ١ / ٣١٢ ـ ٣١٣ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٦٧ ، ٦٨.
(٣) تبين ، س م : يبين ، ب.
(٤) بمعصيته ، ب س : بمعصية ، م.
(٥) رواه الترمذي ، الطلاق ، ٩ ؛ وأبو داود ، الطلاق ، ٩ ؛ وابن ماجة ، الطلاق ، ٩ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ١ / ٣١٣ ؛ والكشاف ، ١ / ١٣٤.
(٦) أخذه عن السمرقندي ، ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٦٧. أن تتزجوه ، ب س : أن يتزوجه ، م.
(٧) نقله المؤلف عن الكشاف ، ١ / ١٣٥.