إذا جار (١) ، والهمزة للسلب (فَانْكِحُوا) أي تزوجوا (ما طابَ) أي من حل (٢)(لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ف «ما» بمعنى من ، و «من» للتبعيض ، يعني فكما خفتم ترك العدل في حقوق اليتامى فخافوا أيضا ترك العدل بين النساء فقللوا عددهن ، ثم بين المباح من النساء (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) لا ينصرف هذه الصيغ إلى عشار للعدل والوصف ، وهي نكرات يدخلها لام التعريف كالمثنى والثلاث والرباع في محل النصب على الحال من النساء أو بدل من «ما» ، والواو للتخيير ، وليس للعطف الجامع في زمان واحد وإلا لجاز الجمع (٣) بين تسع نسوة وليس بجائز وإن أجازه بعض الروافض بظاهر الآية ، لأن التسع من خصائص النبي عليهالسلام ، ولأنه عليهالسلام نهى عن تزويج أكثر من أربع وإلا لجاز (٤) له أن يتزوج بما شاء ، لأنه لا يقتضي حصرهن في هذا العدد كما قيل في نحو قولهم : جاء القوم مثنى وثلاث ورباع ، فانهم جوزوا أن يكون القوم الجائين في غاية الكثرة ، فالمعنى في الآية : تزوجوا إن شئتم مثنى وإن شئتم ثلاث وإن شئتم رباع إذا عدلتم بينهن في القسم ، والخطاب للجميع فوجب التكرير لنصيب كل واحد من الناكحين ما أرادوا من العدد وإنما جاء العطف بالواو دون أو ليدل على تجويز (٥) الجمع بين أنواع القسمة (٦) الذي دلت عليه الواو ، ثم قال (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) فيهن في النفقة والقسم (فَواحِدَةً) أي فاختاروا واحدة منهن (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي أو اختاروا مما ملكتم بالشراء وغيره (٧) من السراري ، لأنها أخف مؤنة من الحرائر فلا عليكم أكثرتم منهن أو أقللتم (٨) عدلتم بينهن في القسم أو لم تعدلوا عزلتم عنهن أم لم تعزلوا (٩)(ذلِكَ) أي اختيار الواحدة (١٠) أو السراري (أَدْنى) أي أقرب من (أَلَّا تَعُولُوا) [٣] أي لا تجوروا أو لا تميلوا في النفقة والقسم بينهن ، من عال الحاكم إذا جار أو من عال الميزان إذا مال.
(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤))
(وَآتُوا النِّساءَ) أي أعطوهن (صَدُقاتِهِنَّ) أي مهورهن ، جمع صدقة (نِحْلَةً) أي إعطاء وهبة عن طيب نفس ، وهي مصدر أو حال من المخاطبين بمعنى ناحلين أو من الصدقات (١١) بمعنى منحولة ، وهذا أمر للأزواج أن يعطوا مهور نسائهم لهن ، قال عليهالسلام : «أحق الشروط أن توفوا بما استحللتم به الفروج» (١٢) أو أمر للأولياء ، لأنهم كانوا يأخذون مهور (١٣) بناتهم ولا يعطونهن (١٤) شيئا ، ثم كان بعض الناس يتأثمون أن يأخذوا مما أعطوا من نسائهم شيئا فنزل (١٥)(فَإِنْ طِبْنَ) أي إن وهبن (لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) أي من المال (١٦) الذي هو الصدقة (نَفْساً) بأن لا يطلبن ما وهبن لكم بعد الهبة (فَكُلُوهُ هَنِيئاً) أي طيبا (مَرِيئاً) [٤] أي سائغا لا ينغصه ، ونصبهما صفة مصدر محذوف ، أي أكلا هنيئا مريئا أو حال (١٧) من مفعول «كلوه» (١٨) ، والمراد منه المبالغة في الإباحة (١٩) من غير تبعة ، وفي الآية دليل على وجوب الاحتياط حيث بني الشرط على طيب النفس ، ولذا قيل : يجوز الرجوع بما وهبن إن خدعن من الأزواج (٢٠).
__________________
(١) جار ، ب س : جاز ، م.
(٢) حل ، ب س : أحل ، م.
(٣) الجمع ، ب م : ـ س.
(٤) وإلا لجاز ، م : ولجاز ، ب س.
(٥) تجويز ، ب س : تزويج ، م.
(٦) القسمة ، ب م : القسم ، س.
(٧) مما ملكتم بالشراء وغيره ، ب م : مما ملكت أيمانكم بالشري وغيره ، س.
(٨) أقللتم ، ب م : قللتم ، س.
(٩) أم لم تعزلوا ، ب س : أو لم تعزلوا ، م ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ٢٢٧.
(١٠) الواحدة ، ب م : واحد ، س.
(١١) أو من الصدقات ، س : أو لمن الصدقات ، ب م ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ٢٢٨.
(١٢) أخرجه البخاري ، الشروط ، ٧ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٢ / ٨.
(١٣) مهور ، س : مهمور ، ب م ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ٢٢٨.
(١٤) ولا يعطونهن ، ب م : ولا يعطوهن ، س.
(١٥) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ١ / ٣٣٢.
(١٦) المال ، ب م : مال ، س.
(١٧) أو حال ، س : حال ، ب م.
(١٨) كلوه ، س م : كلوا ، ب.
(١٩) في الإباحة ، ب م : في الأجابة ، س ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ٢٢٨.
(٢٠) وهذا الرأي مأخوذ عن الكشاف ، ١ / ٢٢٨.