وهو مثل في القلة ، ولم يعمل إذن في «لا يؤمنون» لأجل فاء العطف ، والنون فيها أصل وليس بتنوين ولذا يكتب بصورة النون.
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤))
قوله (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) «أم» فيه كأم في «أم لهم» ، يعني بمعنى بل والهمزة لإنكار الحسد واستقباحه ، أي أيحسد (١) اليهود العرب والنبي عليهالسلام (عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي على النبوة والإسلام والتقدم عليهم وازدياد النصرة والعزة كل يوم وكثرة التزوج (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ) أي داود وسليمان عليهماالسلام (الْكِتابَ) المنزل عليهما من السماء (وَالْحِكْمَةَ) أي النبوة والعلم (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) [٥٤] فكان ليوسف ملك مصر ، ولداود ملكا عظيما ، وتحته مائة امرأة ، ولسليمان بن داود ملكا أعظم ، وتحته ثلثمائة مهيرة (٢) بالنكاح الشرعي وسبعمائة سرية (٣) ، ولم يكن لمحمد عليهالسلام إلا تسع نسوة ، فكما لم يمنع آل إبراهيم النبوة عن كثرة التزوج بالنساء لم يمنع محمدا عليهالسلام عن كثرة التزوج أيضا مع أن فيه قوة أربعين نبيا ، وهذا إلزام لهم بما عرفوه ، قيل : إن من كان أتقى كان شهوته أشد (٤) ، وقيل أيضا : «كل شهوة تقسي القلب إلا الجماع الحلال ، فانه يصفي القلب ولذا فعل الأنبياء كثرة التزوج والجماع» (٥).
__________________
(١) أي أيحسد ، ب س : أي يحسد ، م.
(٢) مهيرة ، ب س : مهرية ، م.
(٣) ومنشأ هذه الرواية التورية ، انظر ، ١. قر اللر) RALLARIK.I (، ١١ / ٣. وهذه الرواية ليست موجودة في المصادر الإسلامية الصحيحة ، مثلا انظر فيما يأتي من الأحاديث الصحيحة :
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس سمع أبا هريرة قال قال سليمان : «لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله ..». انظر البخاري ، الصحيح ، الأيمان ، ٩.
... عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «قال سليمان بن داود عليهماالسلام : لأطوفن الليلة على مائة أو تسع وتسعين ، كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ..». انظر البخاري ، الصحيح ، كتاب الجهاد واليسر ، ٢٣ .... عن أبي هريرة قال : «قال سليمان بن داود عليهماالسلام : لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله ..». انظر البخاري ، النكاح ، ١١٩.
... عن أبي هريرة قال : «كان لسليمان ستون امرأة ، فقال : لأطوفن عليهن الليلة فتحمل كل واحدة منهن ، فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله ، فلم تحمل منهن إلا واحدة ..». انظر مسلم ، الأيمان ، ٢٢ (١٦٥٤).
... عن هشام بن حجير عن طاوس عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «قال سليمان بن داود نبي الله لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ، كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله ..». انظر مسلم ، الأيمان ، ٢٣ (١٦٥٤).
... عن أبي هريرة قال : قال سليمان بن داود : «لأطيفن الليلة على سبعين امرأة ، تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله ..». انظر مسلم ، الأيمان ، ٢٤ (١٦٥٤).
... عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على تسعين امرأة ، كلها تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله ..». انظر مسلم ، الأيمان ، (٥) باب الاستثناء ، ٢٥ (١٦٥٤).
... عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن سليمان بن داود قال : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ، تلد كل امرأة غلاما ..». وهكذا روي عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه هذا الحديث بطوله وقال : سبعين امرأة ، وقد روس هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على مائة امرأة». انظر الترمذي ، النذور والأيمان ، ٧.
... عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة رفعه قال سليمان : «لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله ..». انظر النسائي ، الأيمان والنذور ، ٤٣.
وقال أبو حيان في تفسيره : «وتفصيل هذه الأشياء يحتاج إلى صحة نقل ..». انظر أبو حيان ، محمد بن يوسف الأندلسي ، البحر المحيط ، بيروت ، ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣ م ، ٧ / ٦٠.
(٤) أخذه عن السمرقندي ، ١ / ٣٦١.
(٥) عن أبي بكر الوراق ، انظر السمرقندي ، ١ / ٣٦١.