العلامة ، أي علامات (١) طاعة الله ، والمراد مناسك الحج كالوقوف والرمي والطواف والسعي بين الصفا والمروة وغير ذلك ، ومعنى إحلال الشعائر أن يتهاون بحرمتها وأن يحال بينها وبين المتنسكين بها (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) أي لا تحلوا القتال في أشهر (٢) الحج (وَلَا الْهَدْيَ) أي ولا تحلوا كل (٣) ما يهدى إلى البيت ، جمع هدية ، وقيل : مصدر صار اسما له (٤)(وَلَا الْقَلائِدَ) أي ولا تحلوا الهدايا ذوات القلائد ، جمع قلادة ، وهي يعلق في عنق راحلة الحاج من شعر أو وبر أو لحاء شجر أو غير ذلك ليأمن في الطريق ، وكانوا في الجاهلية إذا خرجوا إلى مكة قلدوا هداياهم فامنوا به ، لأنه يعرف به أنهم كانوا حجاجا ، فأمرهم الله تعالى بحفظ ذلك وأن لا يستحلوها فنهوا عن التعرض لهم ، وعطفت على «الهدي» وإن كانت منها تفضيلا لها كعطف جبرائيل على الملائكة (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) أي ولا تحلوا قتال قاصدين المسجد الحرام سواء كانوا (٥) من المؤمنين ، يعني الحجاج والعمار أو كانوا (٦) من المشركين الذين يأتونه لقصد الثواب بزعمهم ويأتون بالنعم الكثيرة توسعة لمعاش الحجاج ، ثم نسخ (٧) بقوله «اقتلوا (الْمُشْرِكِينَ»)(٨) ، قوله (يَبْتَغُونَ) نصب على الحال من «آمين» ، أي يطلبون (فَضْلاً) أي رزقا بالتجارة وثوابا بالحج (مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً) أي رضي الله بأن يغفر للمؤمنين ويصلح معائش المشركين ولا يعجل لهم بالعقوبة ، ثم أباح لكم الصيد فقال (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) أي إذا خرجتم من إحرامكم ومن حرم الله وأمنه إلى حله حل لكم الاصطياد (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح الياء ، من جرم بمعنى كسب ، وفاعله (شَنَآنُ قَوْمٍ) بفتح النون وسكونها (٩) ، أي بغضكم ، يعني لا يحملنكم عداوة قوم وهم كفار مكة (أَنْ صَدُّوكُمْ) بفتح الهمزة ، أي لأجل صدهم إياهم (عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عام الحديبية وبكسرها (١٠) شرطا مستقبلا ، أي إن يصدوكم في المستقبل مثل ما مضى منهم في عام الحديبية (أَنْ تَعْتَدُوا) أي على أن تتجاوزوا (١١) الحد عليهم في المكافاة (١٢) بالقتل وأخذ الأموال وهو مفعول («لا يَجْرِمَنَّكُمْ» (وَتَعاوَنُوا) أي تناصروا (١٣)(عَلَى الْبِرِّ) أي على اتباع أمر الله والعمل به (وَالتَّقْوى) أي وعلى اجتناب ما نهى الله عنه (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ) أي الكفر والانتقام والتشفى (وَالْعُدْوانِ) أي الظلم وجاء في الحديث : «البر حسن الخلق ، والعدوان ما حاك في صدرك من الشر وكرهت أن يطلع عليه الناس» (١٤)(وَاتَّقُوا اللهَ) أي اخشوه فيما يأمركم به وأطيعوه (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) [٢] حين عاقب.
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣))
قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) نزل في تحريم ما كانوا يحلونه (١٥) ، والميتة كل ما مات حتف أنفه بغير ذكوة شرعية ، أي حرم عليكم أكلها (وَالدَّمُ) أي شربه ، وهو الدم المسفوح ، لأن الدم الذي بقي بعد الإنهار فهو
__________________
(١) علامات ، ب م : علامة ، س.
(٢) أشهر ، س م : شهر ، ب.
(٣) كل ، ب م : أكل ، س.
(٤) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.
(٥) كانوا ، ب م : كان ، س.
(٦) كانوا ، ب م : كان ، س.
(٧) أخذه عن السمرقندي ، ١ / ٤١٣ ؛ وانظر أيضا قتادة ، ٤٠ ـ ٤١ ؛ والنحاس ، ١١٥ ـ ١١٦ ؛ وهبة الله بن سلامة ، ٤٠ ـ ٤١ ؛ والبغوي ، ٢ / ٢٠٢ ؛ والكشاف ، ٢ / ١٢ ؛ وابن الجوزي ، ٢٦ ـ ٢٧.
(٨) التوبة (٩) : ٥.
(٩) «شنآن» : قرأ ابن عامر وشعبة وأبو جعفر باسكان النون ، والباقون بفتحها. البدور الزاهرة ، ٨٩.
(١٠) «أن صدوكم» : قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر الهمزة ، والباقون بفتحها. البدور الزاهرة ، ٨٩.
(١١) علي أن تتجاوزوا ، ب س : علي أن يتجاوزوا ، م.
(١٢) في المكافاة ، ب م : في المكافات ، س.
(١٣) أي تناصروا ، ب س : ـ م.
(١٤) رواه مسلم ، البر والصلة ، ١٤ ؛ والترمذي ، الزهد ، ٥٢ ؛ وأحمد بن حنبل ، ٤ / ١٨ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٢ / ٢٠٤.
(١٥) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.