المعلم وذكرت اسم الله فأمسك فكل ، وإن أكل فلا تأكل فانما أمسك على نفسه» (١) ، وقال عليهالسلام أيضا : «ما صدت بقوسك وذكرت اسم الله فكل ، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكوته فكل» (٢)(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) أي سموا على المذبوح عند الذبح باسم الله وعلى الذي أرسل على الصيد من الكلب والبازي عند الإرسال ، والضمير في (عَلَيْهِ) يجوز أن يرجع إلى ما (أَمْسَكْنَ) ، ويجوز أن يرجع إلى ما (عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) ، وهو المرسل على الصيد (وَاتَّقُوا اللهَ) من أكل الميتة أو من ترك التسمية على المذبوح أو المرسل (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) [٤] أي المجازاة.
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥))
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) أي المذبوحات ، يعني في هذا الزمان بين حلها لكم بالقرآن ، ثم قال في ترخيص ذبائح أهل الكتاب وإن كانوا كافرين (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وهم اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم كبني تغلب (حِلٌّ) أي أكله حلال (لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) أي يحل لكم إن تطعموهم من طعامكم فرخص أكله لهم وإن كانوا على غير ملتهم وإنما أولناه بذلك لأن الحلال والحرام إنما يقعدان على أهل الإيمان ، قوله (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) مبتدأ ، خبره محذوف ، أي الحرائر والعفائف من المؤمنات حل لكم تزويجهن ، وفيه تحريض للمؤمنين على التخيير لنطفهم ، وكذلك قوله (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي العفائف منهم حل لكم نكاحهن (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أي مهورهن (مُحْصِنِينَ) نصب على الحال من فاعل «آتيتموهن» ، أي أعفاء (غَيْرَ مُسافِحِينَ) صفة (مُحْصِنِينَ) ، أي غير معلنين بالزنا ، يعني كونوا بنكاحهن متعففين عن الإعلان بالزنا (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) عطف على (غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، جمع خدن وهو الصديق يشتمل الذكر والأنثى ، أي ولا تكونوا زانين سرا ، نزل هذه الآية لرد فعل الجاهلية ، فانهم (٣) كانوا يعيرون من زنى في العلانية دون من زنى في السر ، فحرم الله بها العلانية والسر (٤) ، ثم قال (٥)(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) ومن يجحد بشرائع الإيمان من الحلال والحرام (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) أي ثوابه (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) [٥] أي من المغبونين في العقوبة ، قيل : إن الرجل إذا صلى أو صام أو حج ثم ارتد ثم أسلم وجب عليه إعادة ذلك العمل ، لأنه قد بطل ما فعل قبل ارتداده (٦) ، وقيل : لا يجب إعادته (٧) سوى الحج إذا وجد غنيا وقت إسلامه (٨) وعليه الفتوى ، لأنه بالارتداد صار كأنه لم يزل كافرا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦))
قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) خطاب خاص للمحدثين بالوجوب ، أي إذا أردتم القيام إلى الصلوة وأنتم محدثون ، وإنما عبر عن إرادة الفعل بالفعل لكونها توجد مع القدرة على إيجاده ، وهي قصده
__________________
(١) أخرج نحوه مسلم ، الصيد ، ١ ، ٢ ، ٣ ؛ والترمذي ، الصيد ، ٦ ؛ والنسائي ، الصيد ، ٣ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٢ / ٢١٠.
(٢) رواه البخاري ، الذبائح ، ٤ ، ١٠ ، ١٤ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٢ / ٢١١.
(٣) فانهم ، س م : ـ ب.
(٤) لعل المؤلف اختصره من السمرقندي ، ١ / ٤١٧ ـ ٤١٨.
(٥) قال ، س م : ـ ب.
(٦) أخذه عن السمرقندي ، ١ / ٤١٨.
(٧) إعادته ، ب س : إعادة ، م.
(٨) وقت إسلامه ، ب : قبل إسلامه ، س : ـ م.