أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، وعلى الشواهد الأدبية والمعاني اللغوية ، وتجنّب التفسير بالرأي ، ولم يأخذ بأخبار الضعفاء أو الغلاة في المباني الاعتقادية.
وأهمّ ما يميّز منهجية الشيخ المفيد قدسسره هو تفسير القرآن بالقرآن ، أي الاعتماد في تفسير النصّ القرآني على نصوص قرآنية أُخرى ، ففي موضع الاستطاعة مثلاً في تفسير قوله تعالى : (وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (١) أرجع الأمر إلى قاعدة كلّية هي في الصحّة والقدرة ، فقال : «والاستطاعة في الحقيقة هي الصحّة والسلامة ، فكلّ صحيح فهو مستطيع ، وإنّما يعجز الإنسان ويخرج عن الاستطاعة بخروجه عن الصحّة ، وقد يكون مستطيعاً للفعل من لا يجد آلة له ويكون مستطيعاً ممنوعاً من الفعل ، والمنع لا يضارّ الاستطاعة وإنّما يضارّ الفعل ، ولذلك يكون الإنسانُ مستطيعاً للنكاح وهو لا يجد امرأة ينكحها ، وقد قال الله تعالى : (وَمَن لَم يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُـحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ) (٢) ، فبيّن أنّ الإنسان يكون مستطيعاً للنكاح وهو غير ناكح ، ويكون مستطيعاً للحجّ قبل ان يحجّ ، ومستطيعاً للخروج قبل أن يخرج ، قال الله تعالى : (وَسَيَحْلِفُونَ بِالله لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ) (٣) ، فخبّر أنّهم كانوا مستطيعين للخروج فلم يخرجوا ، وقال سبحانه : (وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٤) ، فأوجب الحجَّ على النّاس ، والاستطاعة قبل الحجّ»(٥).
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٩٧.
(٢) سورة النساء ٤ : ٢٥.
(٣) سورة التوبة ٩ : ٤٢.
(٤) سورة آل عمران ٣ : ٩٧.
(٥) تصحيح الاعتقاد ـ من مصنفات الشيخ المفيد ٥ / ٦٣.