ولنعرض نموذجاً لتفسيره : قال في باب (هيئة الصلاة) : «قال الله تعالى : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (١) أمرٌ منه تعالى لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويدخل فيه جميع المكلّفين ، يأمرهم الله بالصلاة وأن ينحروا.
قال قومٌ : معناه صلّ لربّك الصلاة المكتوبة واستقبل القبلة بنحرك ، تقول العرب : منازلنا تتناحر أي تتقابل أي هذا ينحر ذا ، يعني يستقبله. وأنشد :
أبا حكم هل أنت عمّ مجالد |
|
وسيّد أهل الأبطح المتناحر(٢) |
وهذا قول الفرّاء.
وروي عن مقاتل بن حيّان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : لمّا نزلت هذه السورة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لجبرئيل : ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربّي؟ قال : ليست بنحيرة ، وإنّما يأمرك إذا تحرّمت للصّلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت ، فإنّه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع ، وإنّ لكلِّ شيء زينة ، وإنّ زينة الصلاة رفع الأيدي عند كلِّ تكبيرة.
وأمّا ما رووه عن عليٍّ عليهالسلام أنّ معناه ضع يدك اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة(٣) فما لا يصحّ عنه ، لأنّ جميع عترته الطاهرة قد رووا عنه بخلاف ذلك ، وهو أنّ معناه ارفع يديك إلى النحر في الصلاة حسب ما قدّمناه.
وكذا روي عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله
__________________
(١) سورة الكوثر ١٠٨ : ٢.
(٢) لسان العرب ـ مادة (نحر). والشعر لبعض بني أسد.
(٣) الدر المنثور ٦ / ٤٠٣.