العقل الأوّل(١) ، وفيه(٢) وجود وإمكان تعرف بهما(٣) ذاته وذات الأوّل ، ولتلك الكثرة صدر عنه عقل ونفس ، وجسم أعلى مركَّب من صورة وهيولي ، وهكذا إلى العقل الفعّال(٤) المؤثّر في عالم العناصر في جميع الأحوال ، فيلزمهم على هذه الأقوال محذورات لا مقرّ لهم فيها وإلزامات لا مفرَّ لهم عنها ، فإنّه يلزمهم أن لا تقوم(٥) القيامة الكبرى(٦) ، وإنّ كلّ موجود فُرِضَ لم يكن له اختيارٌ أصلاً ، وأيّ موجودين فُرِضا كانا علّةً ومعلولاً.
ودعوى أنّ سلسلة الزمانيّات لا تنتهي إلى العلّة الأُولى ، وصدور المتكثّر الموجود في العقل الأوّل عن الواحد على تقدير(٧) صدوره عنه تعالى ، وتعدّد الواجب على تقدير صدوره عن غيره تعالى ، وتأثير المعدوم في الموجود على تقدير عدم كون ذلك المتكثّر ذا الوجود ، وعدم الواجب المستحيل العدم ، إذا(٨) عدم شيء في العالم ؛ لأنّ علّة عدمه عدم علّته أو شرطه ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى الواجب بالذّات.
فإنّ سلسلة الممكنات بأسرها تنتهي(٩) إلى غاية الغايات ، وهو الله
__________________
(١) العقل الأوّل هو : موجود مجرّد عن الأجسام والموادّ في ذاته وتأثيره معاً. كشف المراد : ١٣١ ، كشّاف اصطلاحات الفنون ٢ / ١١٩٧.
(٢) في «ث ، ك» : فيه ، وما أثبتناه من «م».
(٣) في «م» : يعقل بهما ، وفي «ث ، ك» : يعرف بهما ، والصحيح ما أثبتناه.
(٤) العقل الفعّال هو : الذي يكون فيه جميع المعقولات مرسّماً ، وتخرج العقول الإنسانيّة من القوّة إلى الفعل. اُنظر : تلخيص المحصّل للطوسي : ٥٠٠ ، شرح المقاصد ١ / ٩٥.
(٥) في «ث» : أن لا يقوم.
(٦) في «م» : بكمالها.
(٧) في «ث» : على تقديره.
(٨) في «م» : عند عدم الشيء ، كلاهما صحيح.
(٩) في جميع النسخ : ينتهي ، وما أثبتناه هو الصحيح.