سعيدا كان أعلم معاصريه بالتفسير (١). وأسند أبو عمر الكشي في كتاب الرجال عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام أنه قال : سعيد بن جبير كان يأتمّ بعليّ بن الحسين عليهالسلام ، وكان عليّ بن الحسين عليهالسلام يثني عليه. وما كان سبب قتل الحجّاج له إلّا على هذا الأمر ـ يعني التشيّع ـ وكان مستقيما (٢).
وقد اهتمّ الشيعة اهتماما كبيرا بالتفسير ، وكتبوا فيه الكثير من الكتب ، منها في تفسير كل القرآن ، ومنها في بعضه.
القرآن وأهل البيت عليهمالسلام
إنّ من يتتبّع أحاديث العترة النبويّة الطاهرة يجدها تسير جنبا إلى جنب مع القرآن ، تتمسّك بآياته ، وتستدلّ بإشاراته ، كما أنّ القرآن الكريم نفسه يشيد بمواقفهم وأقوالهم عليهمالسلام ؛ إذ وصفهم بالطهارة من الرجس المعنوي والماديّ ذلك الوصف المؤكّد الذي يقتضي تنزيههم عن أيّ خطأ وخطل ، ومخالفة للكتاب ، بل يقتضي كونهم مع القرآن في هدف واحد ، وعلى جادّة واحدة ، ولا غرابة إذا قيل : إنّهم عليهمالسلام ورثوا الكتاب وعلمه وفهمه وفقه أسراره ومقاصده وأبعاده وبطونه دون غيرهم ، فذلك أمر قد جرى بعض منه في الأنبياء السابقين وأوصيائهم كما يصرّح القرآن الكريم بذلك.
وقد صرّح أئمّة أهل البيت المطهّرون عليهمالسلام بهذا الأمر في تصريحات مستقلّة ، مثلما روي عن الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام إذ قال :
«نحن الذين اصطفانا الله عزوجل ، وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كلّ شيء» (٣) على أنّ العقل يحتمّ مثل هذه الوراثة للكتاب وعلمه وفهمه وفقهه ؛ إذ لو لا الصفوة التي ترث مسئوليّة الحفاظ على الرسالة لضاعت الرسالة ،
__________________
(١) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : ج ١١ ، ص ٥٥ ؛ انظر الإتقان في علوم القرآن : ج ٢ ، ص ١٢٣٤ ؛ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ص ٣٢٤.
(٢) رجال الكشي : ج ١ ، ص ٣٣٥.
(٣) أصول الكافي : ج ١ ، ص ٢٢٦ ، ح ٧.