والآن نحن نشاهد شروع التحقيقات العلمية حول القرآن من طريق أجهزة الحاسوب (الكمبيوتر) وقد كشفت للأجيال الحاضرة والقادمة الكثير من الحقائق والآفاق التي عجز العقل والذهن البشري العادي عن اكتشافها والتوصّل إليها بمجرّده ، فبواسطة هذا الجهاز العجيب تمكّن العلماء من إزالة الكثير من نقاط الإبهام التي دارت سابقا حول مضامين بعض الآيات والروايات بسبب قصور الناس عن دركها ، وسيأتي زمان أيضا يفسّر لنا الكثير من الغوامض فيهما التي ربّما تصوّرها بعض الناس أنّها شيء من الغريب أو المستهجن ، فإنّ للقرآن الكريم معاني ودرجات وصورا وحقائق ، وحينما يتّصل عقل الإنسان بنور الوحي يزداد انشراحا وبهاء وتألّقا ومعرفة ، فتفتح له من العلم أبواب وأبواب.
قال سبحانه وتعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (١) وقال عزّ من قائل : (هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٢) وجاء في الحديث الشريف عن الصادق عليهالسلام : «كثرة النظر في العلم يفتح العقل» (٣) وعن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : «سلوني عن القرآن فإنّ في القرآن علم الأوّلين والآخرين ، لم يدع لقائل مقالا ، ولا يعلم تأويله إلّا الله والراسخون في العلم» (٤) وروي عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «إنّ الله تعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمّة إلى يوم القيامة إلّا أنزله في كتابه ، وبيّنه لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٥) لكن المشكلة في البشر أنفسهم لعجزهم وقصورهم أو تقصيرهم في الإمعان فيه واكتشاف أسراره وغوامضه ، لكن كلما سعى البشر في فهمه ودراسته وصل إلى
__________________
(١) العنكبوت : ٤٤.
(٢) الجاثية : ٢١.
(٣) بحار الأنوار : ج ١ ، ص ١٥٩ ، ح ٣٢.
(٤) بحار الأنوار : ج ٢٤ ، ص ١٧٩ ، ح ١١.
(٥) بحار الأنوار : ج ٨٩ ، ص ٨٤ ، ح ١٦ ؛ تفسير الصافي : ج ١ ، ص ٥٠.