أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١٣٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ
____________________________________
أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) أي جنس الكتاب ، فإن من شرائط الإيمان ، الإيمان بكتب الله جميعا (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ) بأن يجحدهم أو يعاديهم أو ينزلهم عن المنزلة اللائقة بهم (وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) وإن كان بجحد أحد من الرسل أو أحد من الكتب (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) بأن جحد أو شك في الميعاد (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) عن الحق كمن يضل الطريق ويبعد عنه كثيرا ، وذلك في قبال من يعمل محرما أو ما أشبه ، فإنه قد ضل ضلالا ، لكن لا بذلك البعد.
[١٣٨] وبعد ما ذكر سبحانه لزوم الإيمان واقعا ، بيّن حالة أولئك الذين لا يؤمنون إلا إيمانا سطحيا ، ولذا يميلون مع كل جانب قوي ، فإذا قوى الإسلام آمنوا وإذا ضعف كفروا ، وهكذا يراوحون بين الإيمان والكفر حتى يموتون وهم كفار لتغلّب الطبيعة الكافرة فيهم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) إما كفر باللفظ أو بالقلب ، فإن كثيرا من الأشخاص الذين يقدمون على الإيمان يقدمون عليه سطحيا ، وبمجرد هبوب ريح الكفر يكفرون قلبا ، وإن بقوا في الظاهر مؤمنين (ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) وهذا من باب المثال ، وإلا فليس للتكرار أربع مرات مزية لا توجد في المرتين ، أو في الست ، أو ما أشبه (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) بأن تطبّعت قلوبهم بالكفر فلم يؤمنوا (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) لأنهم بقوا كافرين